للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحكمة من هذا متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الحكمة -يا إخواني- هي أعلى حكمة يقتنع بها المؤمن؛ أن يقال: هذا أمر الله ورسوله، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] يعني: بل يقتنعون غاية الاقتناع، وقول عائشة رضي الله عنها وقد سُئلت: لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنُؤْمَر بقضاء الصوم، ولا نُؤْمر بقضاء الصلاة (٢٥)، ولم تذكر سوى هذا، فهذه الحكمة للمؤمن هي أعلى حكمة يقتنع بها؛ لأن المؤمن لسانه وحاله: سمعنا وأطعنا، فالحكمة من هذا من المخالفة بالنسبة لنا هي اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فنقول: لما فعلها الرسول نحن نتبعه ونحن وراءه ونحن خلفه.

أما بالنسبة لفعل الرسول لها فلماذا؟ اختلف العلماء في العلة في تعليل فعل الرسول لا فعلنا؛ فمنهم من قال: إن العلة إظهار هذه الشعيرة في أسواق البلد؛ لأن الناس إذا جاؤوا من هذا الطريق زرافات ووحدانًا، وهجروا الطريق الثاني لم تتبيَّن هذه الشعيرة في الطريق الثاني، وصارت منحصرة في الطريق الأول، فإذا خرجوا من هنا ودخلوا من هناك صار في هذا إظهار للشعيرة.

ثانيًا: قالوا: لعله يكون في الطريق الثاني فقراء ليسوا في الطريق الأول فيجودون عليهم ويدخلون عليهم السرور؛ لأنه في يوم العيد ينبغي للإنسان أن يوسع على أهله ويدخل السرور عليهم، ويبسط لهم في الرزق؛ لأن العيد يوم فرح وسرور، فربما يكون في الطريق الثاني فقراء لا يكونون في الطريق الأول، فيحصل عليهم الجود والتيسير والكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>