للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: صحيح، هذا ثبوت عذاب القبر، حديث البراء الطويل، وذكر فيه أنه يُعَذَّب ويضيق عليه القبر حتى تختلف أضلاعه.

طالب: ( ... ).

الشيخ: قال الرسول أيضًا: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمُ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» (٩)، ولا يتعوَّذ من شيء غير واقع.

ثم إن إجماع المسلمين على قبول هذا الإرشاد يدل على أن المسألة إجماعية، ومع ذلك أنكر بعض الناس عذاب القبر، ولكن قولهم محدود ( ... ) القرآن والسنة الثابتة.

طالب: الدليل الثاني.

الشيخ: ما يحتاج، المدلول يثبت بدليل واحد.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (وافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ)، هذا من دعاء الميت، (افسح له في قبره)، أي: وَسِّع له؛ لأن الفسحة يعني السعة، وهذا التوسيع ليس توسيعًا محسوسًا بحيث يكون قبره يتسع حتى يملأ المقبرة، ولكنه فسح غير محسوس إحساسًا دنيويًّا؛ لأنه من أحوال الآخرة.

وكما تشاهدون، أو كما ترون في المنام أن الإنسان يرى أنه في مكان فسيح، وفي نخيل، وفي أشياء تبهج نفسه، وهو لا يزال في فراشه مُتَغَطٍّ بغطائه، فعذاب القبر يشبه من بعض الوجوه ما يراه النائم، وإن كان أشد منه في الحقيقة، يعني أشد منه في كونه حقيقة.

إذن يفسح له في قبره، لكن لا يلزم منه أن يتسع القبر اتساعًا حسيًّا، وإنما قلنا ذلك لئلا يورد علينا مُورِد بأن الناس في قبورهم لا تتسع القبور أكثر مما هي عليه في الواقع، فنقول له: هذا أمر غيبي، وليس أمرًا حسيًّا معروفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>