للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب على ذلك أن الأفصح في اللغة العربية إذا أُضِيفَ إلى المثنى أن يؤتَى بالجمع، ثم بالإفراد، ثم بالتثنية، إلا أن يكون هناك داعٍ يستلزم أن يؤتَى بالتثنية أو الإفراد أو الجمع، وإلا فالأصل هو ما ذكرنا؛ أن الأفصح الجمع، ثم الإفراد، ثم التثنية، {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]، مع أنه ليس لهما إلا قلبان، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: ٤]، ولم يقل: فقد صغت قلباكما، ولم يقل: فقد صغى قلبُكُما؛ لأن الأفصح هو ما ذكرنا، الجمع.

يقول: (وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ المُؤْمِنِينَ)، أي: صغار المؤمنين الذين سلفوا، وذلك أن الصغار من الولدان كانوا في كفالة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد رآهم النبي صلى الله عليه وسلم حين عُرِجَ به عند إبراهيم، وسأل عنهم فقيل له: هؤلاء وِلْدَان المؤمنين (١٣)، ولهذا قال: (وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ).

قال: (وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمِ)، (قِهِ) من الوقاية، يعني اجعله سالِمًا من عذاب الجحيم، وأما قوله: (برحمتك) فهو من باب التوسل بصفة الله عز وجل.

وفي هذه الجملة إشكال؛ كيف يقول: قِهِ برحمتك عذاب الجحيم، وهو صغير لم يبلُغ، وليس عليه عذاب؟

قال بعض العلماء: إن النبي عليه الصلاة والسلام أَخْبَرَ بأنه ما من إنسان إلا مَسَّتْهُ النار، ولو تَحِلَّةَ القسم (١٤)، ومن ذلك الصغار؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٧١]، فيكون هذا دعاء لهذا الصبي أن يقيه الله عذاب الجحيم إذا عرض عليها يوم القيامة.

(وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلًا، وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ)، يقف قليلًا ليتميز التكبير من السلام، أو من أجل أن يترادّ إليه نَفَسُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>