للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (يقف قليلًا ثم يسلِّم) يظهر منه أنه لا يدعو، واختار بعض الأصحاب رحمهم الله أنه يدعو، ولكن بماذا؟ قال بعضهم: يدعو بقوله: اللهم لا تَحْرِمْنَا أجره، ولا تَفْتِنَّا بعده، واغفر لنا وله. وقال بعضهم: يدعو بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١]؛ لأن هذا الدعاء تختم به الأدعية، ولهذا جعله النبي عليه الصلاة والسلام في منتهى كل شوط في الطواف، حيث يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

والقول بأنه يدعو بما تيسَّر أولى من السكوت؛ لأن الصلاة عبادة ليس فيها سكوت أبدًا إلا لسبب، كالاستماع إلى قراءة الإمام، ونحو ذلك.

قال: (وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ)، يسلِّم واحدة عن اليمين، وإن سلَّم تلقاء وجهه فلا بأس، لكن عن اليمين أفضل، وظاهر كلام المؤلف أنه لا تُسَنُّ الزيادة على التسليمة الواحدة، وهو المذهب.

والصحيح أنه لا بأس أن يسلِّم مرة ثانية؛ لورود ذلك في بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الذين قالوا: إنه يسلِّم واحدة، استدلوا بأثر، وفي صحته نظر، واستدلوا بالمعنى أن هذه الصلاة مبنية على التخفيف، والتسليمة الواحدة أخف، لكن لو سلَّم مرتين فلا حرج، ولا ينكَر عليه.

ثم قال: (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)، (يرفع) الضمير يعود على المصلِّي، يرفع يديه مع كل تكبيرة على صفة ما يرفعهما في صلاة الفريضة، أي يرفعهما حتى يكونَا حذو منكِبَيْه، أو حذو فروع أذنيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>