للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلًا، وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ)، يقف يعني أن يصلي على الجنازة، (يقف قليلًا، ويسلِّم واحدة عن يمينه)، واختلف العلماء رحمهم الله في هذه الوقفة، هل يدعو فيها أو لا؟ فقال بعضهم: إنه لا يدعو فيها، وهو ظاهر كلام المؤلف، وقال بعضهم: بل يدعو فيها فيقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١]؛ لأن هذا الدعاء ينبغي أن يُخْتَم به الدعاء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم به دعاء كل شوط في الطواف.

وقوله: (وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلًا، وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ)، (يسلِّم واحدة عن يمينه)، وإن سلَّم مرتين فحسن؛ لأن الكل قد جاءت فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فاختار بعض العلماء أن يسلِّم واحدة، واختار آخرون أن يسلِّم اثنتين.

والراجح أن الأمر في هذا واسع، يسلِّم أحيانًا مرة وأحيانًا مرتين، ولا حرج في ذلك، ويرفع يديه مع كل تكبيرة كما يرفعها في صلاة الفريضة والنافلة.

فهنا يرفعها في كل تكبيرة؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك؛ ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة (١٦)، ومثل هذا لا يفعله ابن عمر بمجرد الرأي، بل هذا يعتبر من المرفوع حكمًا؛ لأن كل شيء لا مجال للرأي فيه من أحكام أو أخبار فإنه في حكم الرفع إذا صدر من الصحابي.

إلا أن الأخبار يشترط فيها ألا يكون الصحابي معروفًا بالأخذ عن بني إسرائيل، خوفًا من أن يكون ما ذكره من أخبار بني إسرائيل.

ثم إنه قد رُوِيَ مرفوعًا صريحًا عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند قال فيه الشيخ عبد العزيز بن باز: إنه سند جيد، وعلى هذا فيكون هو المعتمَد.

<<  <  ج: ص:  >  >>