للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الثاني، وهنا فرَّق المؤلف بين الإمذاء والإمناء، والصواب أن الفرق بينهما في هذه الحال وغيرها.

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى في بيان ما لا يُفْسِد الصوم: (أوْ طَارَ إِلَى حَلْقِه ذُبَابٌ) يعني: فلا يُفْطِر؛ لأنه بغير قصد، لكن لو كان مستقَر الذباب حين طار أقصى الفم فإنه يمكنه أن يُخْرِجَه، إنما لو ذهب إلى الحَلْق فإنه لا يمكن أن يخرجه، وربما لو حاول إخراجه لتقيأ، لذلك نقول: يُعفى عنه.

كذلك إذا طار إلى حلقه غبار، فإنه لا يُفْطِر بذلك؛ لعدم القصد، ولا يقال للعامل الذي يعمل في التراب: لا تعمل وأنت صائم؛ لأنك لو عملت وأنت صائم لطار إلى حلقك غبار؛ لأننا نقول: إن طيران الغبار إلى حلقه ليس بمقصود، هو يريد أن يعمل في التراب، ومن يعمل في التراب فلا بد أن يطير إلى حلقه الغبار، فإذا طار إلى حلقه غبار فإن ذلك لا يضر.

أفلا يمكن أن يقال: ما دام هذا العمل وسيلة إلى إفطاره أفلا نقول: إنه لا يجوز أن يعمل؟

الجواب أن نقول: هذا ليس وسيلة إلى إفطاره؛ لأنه إذا طار إلى حلقه غبار بلا قصد فإنه؟

طالب: لا يُفْطِر.

الشيخ: لا يُفْطِر.

كذلك إذا يقول: (أوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ)، (فَكَّرَ) يعني: في الجماع، (فَأَنْزَلَ)، سواء كان ذا زوجة ففكر في جماع زوجته، أو لم يكن ذا زوجة ففكر في الجماع عمومًا فأنزل فإنه لا يفسد صومه بذلك، ودليله قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» (١٢)، وهذا لم يعمل، ولم يتكلم، إنما حدَّث نفسه وفكَّر فأنزل.

وعُلِم منه -من كلامه- (فَكَّرَ فَأَنْزَلَ) أنه لو حصل منه عمل فإنه يُفْطِر أو لا؟ يُفْطِر، يعني لو حصل منه عمل بأن تدَلَّك بالأرض حتى أنزل، أو حرَّك ذكره حتى أنزل، أو قبَّل زوجته حتى أنزل، أو ما أشبه ذلك فإنه يُفْطِر.

<<  <  ج: ص:  >  >>