للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتى المؤلف بقوله: (زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ)؛ لأن ما قبل الثلاث مشروع، ما قبل الثلاث في المضمضة والاستنشاق مشروع، ومأذون فيه، والقاعدة عند العلماء أن ما ترتب على المأذون فليس بمضمون، فهنا إذا تمضمض في الأُولى والثانية والثالثة فنزل الماء إلى بطنه فإنه لا يُفْطِر بذلك واضح؛ لأنه لم يفعل إلَّا شيئًا مشروعًا، وهذا ترتب على شيء مشروع فلا يضر.

لكن لو زاد على الثلاث فالزيادة على الثلاث في الوضوء إما محرَّمة وإما مكروهة كراهة شديدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ» (١٣)، فإذا زاد على الثلاث فالزيادة مكروهة، أدنى أحوالها أنها مكروهة، لكنه زاد عليها ووصل الماء إلى بطنه، فإنه لا يُفْطِر؛ لعدم القصد.

لأنك لو سألت هذا الذي تمضمض أكثر من ثلاث: أَأَنت تريد أن يصل الماء إلى بطنك؟ لقال: لا، فإذا كان كذلك فإنه لا يُفْطِر؛ لأنه لم يقصد أن ينزل الماء إلى بطنه.

وكذلك لو بالغ في الاستنشاق أو المضمضة، مع أنه مكروه، يُكْرَه للصائم أن يبالغ فيهما، لكن لو بالغ ودخل الماء إلى بطنه فإنه لا يُفْطِر بذلك؛ لعدم القصد.

لو أنه يَبِس فمه كما يوجد في أيام الصيف، ويوجد أيضًا مع بعض الناس، يكون ريقه قليلًا ينشف فمه، فتمضمض من أجل أن يَبْتَلَّ فمه، أو تَغَرْغَرَ بالماء ونزل إلى بطنه، فهل يُفْطِر بذلك؟ نقول: لا؛ لأنه غير مقصود، ولم يقصد الإنسان أن ينزل الماء إلى بطنه، وإنما أراد أن يَبُلَّ فمه ونزل الماء بغير قصد.

ويتفرع على هذا: هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون أو لا؟

نقول: يجوز، لكن الأَوْلَى ألَّا يستعملهما؛ لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلًا من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل، الأمر واسع.

(أَوْ بَالَغَ فَدَخَلَ المَاءُ حَلْقَهُ لَمْ يَفْسُدْ).

<<  <  ج: ص:  >  >>