للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعُلِم منه أنه لو أكل وقد ظن أن الشمس قد غربت فإنه يصح صومه ما لم يتبين أنها لم تغرب، فإن تبين أنها لم تغرب فقد عرفتم القول الصحيح في هذا، وهو أنه لا قضاء عليه، والمذهب أن عليه القضاء.

فإن قال قائل: ما الدليل على أنه يجوز الفطر بالظن مع أن الأصل بقاء النهار؟

قلنا: الدليل حديث أسماء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أفطروا في يوم غيم، وإفطارهم بناءً على إيش؟ على ظن ولَّا أو على يقين؟

طلبة: على ظن.

الشيخ: على ظن قطعًا؛ لأنهم لو تيقنوا أن الشمس غربت ما طلعت، فهم بَنَوْا على ظن، فدل ذلك على أنه يجوز أن يُفْطِر بظن الغروب، ثم إن تبين أن الشمس غربت فالأمر واضح، أو لم يتبين شيء فالأمر أيضًا واضح، وإن تبين أنها لم تغرب وجب القضاء على المذهب، وعلى القول الراجح: لا يجب القضاء.

ثم قال: (أَوْ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا)، يعني: سواء من أول النهار أو آخره، أكل يعتقد أنه ليل، بناءً على ظنه، أو بناءً على الأصل، فبان نهارًا، فعليه القضاء، لماذا؟ لأن الفقهاء رحمهم الله لا يَعذرون بالجهل، ويكون العمل بالواقع.

مثاله: أكل السَّحُور يعتقد أن الفجر لم يطلُع، فتبين أنه طالع، فما الحكم؟

الطالب: ( ... ).

الشيخ: المذهب يجب عليه القضاء، وهذا يقع كثيرًا، يقوم الإنسان من فراشه ويقرِّب سَحوره ويأكل ويشرب، وإذا بالصلاة تُقَام، يعني أنه أكل وشَرِب بعد طلوع الفجر، فعلى المذهب يلزمه القضاء، وعلى القول الراجح: لا قضاء.

كذلك أكل يعتقد أن الشمس غربت، ثم تبين أنها لم تغرُب فهو أكل يعتقد أنه في ليل، فبَانَ أنه في نهار، فيلزمه -على المذهب- القضاء، والراجح أنه لا يلزمه.

إذن حصلنا على الفرق بين أول النهار وآخره في أنه يجوز في أول النهار الأكل مع الشك، وفي آخر النهار لا يجوز الأكل مع الشك.

<<  <  ج: ص:  >  >>