للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: مع أبي بصير رضي الله عنه؛ لأن أبا بصير جاء مسلمًا من قريش فأرسلوا في طلبه رجلين، فما إن وصل المدينة حتى وصل الرجلان، ثم طلبا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد إليهم هذا الرجل الذي جاء مسلمًا فردَّه إليهم حسب الشرط، ولما كان في أثناء الطريق وجلسوا يأكلون أو يتغدون، قال لأحدهم: أرني سيفك هذا فإنه سيف جيد، هذاك الرجل غُرَّ، فأراه إياه؛ لأنه قال: هذا الرجل أسير بين يدينا؛ فلما أخذه ضرب به عنقه حتى أطار رأسه، صاحبه الثاني هرب إلى المدينة، وجاء إلى النبي عليه الصلاة السلام فلحقه أبو بصير، وقال: يا رسول الله إن الله أبرأ ذمتك وأوفى بعهدك ورددتني إليهم، ولكن الله أنجاني منهم، فقال النبي عليه الصلاة السلام: «ويل أمه مِسْعَر حرب لو يجد من ينصره» ففهم أبو بصير رضي الله عنه أن الرسول سيردُّه، فخرج من المدينة وجلس على قاعدة في سيف البحر، وصار ما جاء من تجارة لقريش أغار عليها وأخذها، وسمع به أُناس من أهل مكة من الشبان فخرجوا إليه، فصاروا طائفة، حينئذٍ عجزت قريش عنهم، فانتهى الأمر بِرَدِّهِم إلى المدينة (٧)، والحمد لله.

قال: (ويجوز شرطُ ردِّ رجلٍ جاء منهم مسلمًا للحاجة وأمَرَهُ سرًّا بقتالهم والفرار منهم) يعني: نعطيه إياهم، ونقول: إن أمكنك أن تقتل أحدًا منهم أو تقاتل فافعل، أو أمكنك أن تَفِرَّ منهم فَفِر، لكن إلى أيِّ شيء؟ إلى البَر، إلى الخلاء، لكن لا تأتِ إلينا، إن أتيت إلينا رددناك عليهم.

(ولو هرب قِنٌّ فأسلم لم يُرَدّ، وهو حرٌّ) (ولو هرب قِنٌّ) يعني: عبدٌ مملوك من سيده، من الكفار، فأسلم لم يُرَدَّ إليهم، لماذا؟ خوفًا من أن يرتد إلى الكفر؛ لأنه قِنٌّ فيأخذه سيده ويُكرهه على الكفر فيكفر.

(ويؤخَذون بجنايتهم على مسلم من مال، وقَوَد، وحَدّ) الضمير في قوله: (يؤخَذون): يعود على المعاهَدين الذين بيننا وبينهم عهد، بجنايتهم على المسلم.

(من مال): لو أخذوا مال مسلم وجب عليهم ردُّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>