للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا، فلو جئت مثلًا واغتسلت من الجنابة، ومن أجل السرعة ذهب عن ذهنك نية الوضوء، ولكنك نويت الجنابة فقط، فعلى ما مشى عليه المؤلف لا يجزئك عن الوضوء، لا بد أن تتوضأ.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه إذا نوى رفع الحدث الأكبر فقط وسكت عن الأصغر فإنه يرتفع الحدثان، واستدل لذلك بقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} مع أنه قال سبحانه وتعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.

وعلى هذا، فإذا تطهر الإنسان بنية الحدث الأكبر فإنه يجزئه؛ لأن الله لم يذكر سوى ذلك، وما ذهب إليه الشيخ رحمه الله هو الصحيح؛ لأن الله لم يوجب علينا إلا أن نتطهر فقط وقد فعلنا.

الوجه الثالث: أن ينوي ما لا يباح إلا بالوضوء، أو ما لا يباح إلا بارتفاع الحدثين جميعًا، هذا صواب العبارة، كالصلاة؛ فإذا اغتسل للصلاة ما نوى رفع الحدث، لكنه نوى أنه مغتسل للصلاة فإنه يرتفع عنه الحدثان، لماذا؟ لأنه من لازم نية الصلاة أن يرتفع الحدثان؛ إذ إن الصلاة لا تصح إلا بارتفاع الحدثين، فيكون ارتفاع الحدثين هنا من باب أيش؟ من باب اللازم؛ لأنه من لازم إرادة الصلاة أن يرتفع الحدثان.

الوجه الرابع: أن ينوي ما يباح بالغسل فقط دون الوضوء، مثل أي شئ؟ كالمكث في المسجد أو قراءة القرآن.

اغتسل الإنسان لقراءة القرآن فقط، ما نوى رفع الحدث ولا رفع الحدثين، ولا ما لا يباح إلا بالوضوء والغسل، نوى ما يباح بالغسل فقط، مثل قراءة القرآن، إذا اغتسل الإنسان وإن كان عليه الحدث الأصغر جاز له أن يقرأ القرآن، وهي غير مس المصحف، فهذا رجل قيل له: لماذا اغتسلت؟ قال: اغتسلت؛ لأقرأ القرآن، هل يصلي؟ لا يصلي؛ لأن استباحة قراءة القرآن من الجنب لا تستلزم استباحة الصلاة، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: وعليه فلا يرتفع إلا الحدث الأكبر فقط، فإذا أراد الصلاة فلا بد أن يتوضأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>