للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذه أربعة وجوه للنية، ولكن لو رجعنا إلى واقع الناس الآن لوجدنا أن أكثر الناس يغتسلون من الجنابة من أجل؟

طلبة: رفع الجنابة.

طلبة آخرون: الصلاة.

الشيخ: رفع الحدث الأكبر، أو من أجل الصلاة، هو مثلًا قام بعدما أذن وعليه جنابة وذهب يغتسل، لو سألناه: لماذا اغتسلت؟ قال: لأجل أن أصلي، وعلى هذا فيرتفع الحدث الأكبر والأصغر قولًا واحدًا، ويندر أن نرى رجلًا اغتسل من الجنابة من أجل قراءة القرآن فقط، هذا نادر.

يقول المؤلف: (أو نوى بغسله الحدثين) كيف الحدثين؟ المراد رفع الحدثين.

(ويسن لجنبٍ غسلُ فرجه والوضوءُ) قوله: (غسل فرجه والوضوء) يعني: الاثنين جميعًا، يسن له غسل فرجه ووضوؤه لهذه الأمور الثلاثة: للأكل، والنوم، ومعاودة الوطء.

(لأكل) يسن أن يتوضأ الجنب للأكل، وإن اغتسل فالغسل أفضل بلا شك؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يبادر باغتساله من الجنابة بقدر ما يستطيع فإنه أفضل؛ لأنه أطهر وأنقى.

لكن إذا قال: أنا سأؤخر الاغتسال، نقول: إذن توضأ الأكل، وظاهر كلام المؤلف العموم، فيشمل الأكل الوجبات الرئيسية، مثل: الغداء والعشاء والفطور.

ويشمل الأكل الصغير؛ كرجل قُدِّم له تفاحٌ أو برتقالٌ وأراد يأكل، نقول له: إن اغتسل فهو أفضل، وإلا فتوضأ.

وليس على سبيل الإلزام بالاتفاق؛ بإجماع العلماء: أن الوضوء للأكل من الجنابة ليس بواجب، ولكنه على سبيل الاستحباب، دليله: حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ (٨).

ولا عبرة بحمل من حمل الحديث على أن المراد به الوضوء اللغوي الذي هو النظافة؛ لأن لدينا قاعدة في أصول الفقه: أن الحقائق تحمل على عرف الناطق بها، فإن كان الناطق الشرع حملت على أيش؟

طلبة: الحقيقة الشرعية.

الشيخ: الحقيقة الشرعية، إذا كان الناطق من أهل اللغة حملت على الحقيقة اللغوية، من أهل العرف حملت على الحقيقة العرفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>