للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والطهارة بالتراب من خصائص هذه الأمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ» (١٧)، وذكر الحديث، رواه جابر.

وكانت الأمم السابقة إذا لم يجدوا ماءً بقوا حتى يجدوا الماء فيتطهروا به، ثم يقضوا ما فاتهم من الصلوات، ولا شك أن في هذا مشقة عليهم، وفيه أيضًا حرمان للإنسان من الصلة بالله عز وجل كل هذه المدة، لو بقي عشرة أيام ما صلى حتى يجد الماء، وتعرفون أن انقطاع صلة الإنسان بينه وبين ربه أنها تحدث للقلب غفلة وقسوة.

التيمم نزل بسبب ضياع عقد لعائشة رضي الله عنها؛ ضاع لها عقد كانت تتحلى به للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخذته عارية، فلما ضاع بقي الناس يطلبون هذا العقد، وأصبحوا ليس معهم ماء، فأنزل الله تعالى آية التيمم، ولما نزلت آية التيمم وشرع التيمم للناس بعثوا البعير التي هي راكبته –يعني: أثاروه وكان باركًا- فلما بعثوه وجدوا العقد تحته، وهذا من حكمة الله: أن الله سبحانه وتعالى لم يلهمهم أن يبعثوا البعير، بل بقوا يطلبون هذا العقد كل الليل من أجل أن يشرع الله سبحانه وتعالى هذه الطهارة لعباده، قال أسيد بن الحضير رضي الله عنه: ما هذه أول بركتكم يا آل أبي بكر (١٨)، فإن ضياع هذا العقد صار سببًا سهل الله به على الأمة إلى يوم القيامة.

والتيمم يقول المؤلف فيه: (بدل طهارة الماء)، فليس أصلًا، ولكنه بدل؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، إذن فهو بدل عن أصل، وهو الماء.

ومع ذلك فإن للبدل حكم المبدل، هذه القاعدة الشرعية، إلا أن البدل إذا وجد الأصل بطل، وكان من المشهور بين العامة يقولون: إذا وجد الماء بطل التيمم، وهذا صحيح، فإذن يكون بدلًا، والبدل له حكم المبدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>