للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل هو رافع للحدث أو مبيح لما تجب له الطهارة؟

فيه قولان لأهل العلم؛ منهم من يرى أنه رافع للحدث ومطهِّر، ومنهم من يرى أنه مبيح لما يجب الوضوء له وليس برافع للحدث ولا مطهر، والصواب: أنه مطهر ورافع للحدث؛ لقوله تعالى حين ذكر التيمم: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٦]؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»، والطهور بالفتح: ما يتطهر به.

وأيضًا هذان دليلان من الكتاب ومن السنة، ومن النظر أيضًا؛ لأننا نقول: إنه بدل، والقاعدة الشرعية: أن للبدل حكم المبدل.

لكن فائدة قولنا: بدل أنه لا يمكن العمل به مع وجود الأصل، وإلا فهو قائم مقامه، وعلى هذا فكما أن طهارة الماء ترفع الحدث فكذلك طهارة التيمم، ولكن هذه الطهارة إذا وجد الماء بطلت، ووجب عليه أن يغتسل إن كان التيمم عن غسل، وأن يتوضأ إن كان التيمم عن وضوء، ودليل ذلك الحديث الذي أشرتم إليه قبل قليل حديث عمران بن الحصين في قصة الرجل الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الماء وقال: «أَفْرِغْهُ عَلَى نَفْسِكَ»؛ لأن هذا الرجل كان معتزلًا لم يصل مع القوم، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم لماذا لم تصل مع الناس؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» (١٩)، فهذا الرجل كان يتيمم للجنابة، ولما جاء الماء قال له النبي عليه الصلاة والسلام: «خُذْ هَذَا أَفْرِغْهُ عَلَى نَفْسِكَ»، ولو كان التيمم رافعًا للحدث رفعًا مستمرًا ما بطل بوجود الماء.

ولحديث أبي هريرة: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَهُ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ» (٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>