للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قال قائل: هذا في الكلاب غير الأليفة وغير المباحة ظاهر، لكن الكلاب الأليفة والكلاب المباحة الاقتناء ألا يكون فيها مشقة؟

قلنا: بلى قد يكون فيها شيء من المشقة، لكن هذه المشقة تزول بحماية الكلب عن الأواني المستعملة بأن يجعل له أنية مخصوصة يكون فيها طعامه وشرابه، ولا يمكن أن نخرج الكلب الأليف أو الكلب المعلَّم الذي يباح اقتناؤه عن العموم، مع أن تداوله بين الناس أيش أكثر ولَّا لا؟ أكثر؛ لأننا لو أخرجنا هذا من عموم (الكلب) لكنا أخرجنا أكثر ما دلَّ عليه اللفظ، وهذا غير سديد بالنسبة للاستدلال، وعليه فيكون الكلب عامًّا في كل شيء.

بقي أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أنما نص على الولوغ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ»، فبأي شيء تلحقون الروث والبول؟ يعني: لو قال: اقتصروا في هذا على ما ورد به النص على الولوغ فقط، قلنا: قد قال بذلك من قال من الظاهرية، وقالوا: إن هذا الحكم فيما إذا ولغ الكلب ولوغًا؛ يعني: شرب من الإناء، أما بوله وروثه فهو كسائر النجاسات، وطريقتهم في ذلك ظاهرة؛ لأنهم لا يرون القياس.

أما الفقهاء فيقولون: إن بوله وروثه كولوغه، بل هو أخبث، ويكون النص على الولوغ؛ لأن هذا هو الغالب؛ إذ إن الكلب لا يبول ولا يروث في الأواني، وإنما يلغ فيها فقط، فالرسول عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك من باب الغالب، وما كان من باب الغالب فلا مفهوم له.

ولهذا تجدون أحيانًا من تصرف العلماء يقولون: هذا قيد أغلبي لا مفهوم له، فيقولون: إن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر الوضوء دون بقية النجاسات؛ لأنه الغالب، وما كان مبنيًّا على الغالب فإنه لا يكون له مفهوم، ولا يُخصَّص به الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>