للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن (متنجس) يعني: ما أصابته النجاسة، (بشمس) فالشمس لا تُطَهِّر؛ لأن الله عز وجل يقول فيما ذَكَر عن المطر: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١]، فجعل الماء هو آلة التطهير، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في البحر: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» (٩)، وقال في الماء يُفطر عليه الصائم: «فَإِنَّهُ طَهُورٌ» (١٠)؛ أي: تحصل به الطهارة، فلم يَذكر النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يذكر الله عز وجل شيئًا يُطَهِّر إلا الماء، وعلى هذا فلا يَطْهُر المتنَجس بالشمس، كيف ذلك بالشمس؟

يعني هذا شيء متنجس بادٍ للشمس، مع طول الأيام زالت النجاسة، ولم يبق لها أثر، ولنفرض أنه بول، البول إذا كان على الأرض يكون له أثر ولّا لا؟ تعرف حدوده من الأرض، فهو بمرور الشمس عليه عدةَ أيام زال بالكلية، حتى إنك لترى هذا المكان الذي كان بالأمس متغيرًا، تراه اليوم غير متغير، يقول المؤلف: إنه (لا يَطْهُر)، بل لا بد من الماء، لا بد من الماء وإن كان النجاسة ليس لها أثر الآن؟

طلبة: نعم.

الشيخ: نعم، لا بد، لما سمعتم من الأدلة، وهذا الذي ذكره المؤلف هو المشهور من مذهب الإمام أحمد وعليه الجمهور، وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الشمس تُطَهِّر، وأن عين النجاسة إذا زالت بأي مُزيل كان فإن المكان يَطْهُر، وعلى هذا فيَطْهُر المتَنَجّس بالشمس، إذا زال أثر النجاسة نهائيًّا، والذي قاله أبو حنيفة هنا هو الصواب؛ لأن النجاسة كما أسلفنا من قبل عينٌ خبيثة، نجاستها بذاتها، فإذا زالت ذهب ذلك الوصف، وعاد الشيء إلى طهارته، ويدل لهذا أنه لا يُشترط لإزالة النجاسة نية، فلو أن المطر نزل على الأرض طَهُرَتْ، ولو نزل على الثوب حتى زالت النجاسة طهُر الثوب، واضح؟ ولو أنك توضأت، وقد أصابت ذراعَك نجاسةٌ وتوضأت، ثم بعد أن فرغت من الوضوء ذَكرت، تزول النجاسة ولاّ لا؟

طلبة: تزول.

<<  <  ج: ص:  >  >>