للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: تزول إلا على المذهب؛ لأنهم يشترطون ..

طلبة: النية.

الشيخ: لا، ما يشترطون النية، يشترطون سبع غسلات، والإنسان ما يتوضأ بسبع، المهم أننا نقول: إن قول أبي حنيفة هو الصواب؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وإزالة النجاسة ليست من باب المأمور به حتى نقول: لا بد من فعله، بل هو من باب اجتناب المحظور، فإذا حصل في أي سبب كان ثبت الحكم، فإن قُلت: يرد على ذلك حديث أنس بن مالك: أن أعرابيًّا دخل المسجد، فبال في طائفة منه، فزجره الناس، فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام، فلما قضى بوله، أمر بذنوب من ماء فأُريق عليه (١١)، وهذا يدل على أن الأرض تطهر بالماء، فالجواب على ذلك أن أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن يُصب عليه الماء لأَجل المبادرة بتطهيره؛ لأن الشمس بالطبع ما هي تأتي على طول تطهره، تحتاج إلى أيام، لكن الماء يُطهِّره في الحال، فالفائدة هنا سرعة تطهير المكان، والمسجد كما نعلم جميعا يحتاج إلى المبادرة بتطهيره؛ لأنه مصلَّى الناس، بل إننا قدّمنا سابقًا أنه ينبغي للإنسان أن يبادِر بإزالة النجاسة على المسجد وعلى غيره، حتى على ثوبه، وعلى مصلاه الخاص؛ لأن هذا هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام، تخلصًا من هذا القذر، ولئلا يَرِدَ على الإنسان نسيان أو جهالة بمكان النجاسة، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: طيب، نقول: الصحيح أنه يطهر بالشمس، والعلة واضحة، فإن قلت: ما الجواب عما استدلوا به؟

فالجواب: أننا لا ننكر أنه طهور، أن الماء مُطَهِّر، وأن الماء أيسر شيء يُتطهر به الأشياء، ولكنَّ إثبات كونه طَهورًا لا يمنع أن يكون غيره أيضًا مُطَهِّرًا؛ لأن لدينا قاعدة أظن، وهي عدم السبب المعيَّن لا يقتضي انتفاء المسبَّب المعين، سواء كان دليلًا أو غير دليل، المهم أن انتفاء المؤثِّر المعيَّن لا يلزم منه انتفاء المؤثَّر به؛ إذ قد يكون المؤثر شيئًا آخر، وهذا هو الواقع بالنسبة للنجاسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>