للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: فمن زال عقله غير معذور فإنه يقع طلاقه؛ لأنه لا عذر له.

مثاله: السكران باختياره، إنسان -والعياذ بالله- شرب وسَكِر فإنه يقع طلاقه؛ لأنه ليس بمعذور، فالسَّكَر محرَّم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، فهو غير معذور في زوال عقله فيقع طلاقه، هذا هو المشهور من المذهب، وعلتهم أو تعليلهم أنه غير معذور.

وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم مَن قال: إن السكران غير المعذور يقع طلاقه، وهذا هو المذهب، وعلَّلُوا بذلك بأنه ليس بمعذور فيه، فيكون كالصاحي، وبأن هذا أنكى له، أزيد في عقوبته، وربما لا يردعه عن شرب الخمر إلا الخوف من هذا الأمر، فيكون في ذلك مصلحة الردع.

وقال بعض أهل العلم: إن السكران لا يقع طلاقه؛ لأنه إذا أَثِم عُوقِب على إثمه، لكن إذا تكلَّم بدون عقل فكيف نُلزِمه بمقتضى كلامه وهو لا يعقله؟ ! هذا يخالف قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (٤)، فإن هذا السكران حينما تكلم وقال: زوجتي طالق، نوى ولَّا ما نوى؟

طلبة: ما نوى.

الشيخ: أبدًا، ما يدري ويش يقول، فهذا لا يقع طلاقه، وكونه آثمًا له عقوبة، العقوبة الخاصة، وهي التعزير بالجلد، أما التعزير باعتبار كلامه مع عدم عقله فهذا زيادة، فلا نُعَزِّره، وهذا هو الذي صح به الأثر عن عثمان رضي الله عنه (٦)، وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يقضي على السكران بالتأديب والإلزام بالطلاق إذا طَلَّق، فلما ذُكِر له الأثر عن عثمان رجع، فصار يؤدبه ولا يوقع الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>