للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ظلمًا) هذه مصدر في موضع الحال، أي: مظلومًا، أُكْرِهَ عليه مظلومًا، يعني معناه أن الإكراه بغير حق، هذا واحد، بأن قال له إنسان: لازم تطلق زوجك، ففعل، لكن طلَّق تبعًا لقوله، لا قاصدًا الطلاق، فإنه لا يقع الطلاق؛ لأنه لم يَنْوِه، وإنما نوى دفع الإكراه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (١)، وهذا ما نوى الطلاق، هذا معنى كلامه.

وقوله: (ظلمًا) احترازًا مما لو أُكْرِه عليه حقًّا، وذلك مثل المُولِي إذا تمَّت عليه أربعة أشهر وأبى أن يرجع، وأبى أن يُطلِّق، فأكرهه الحاكم عليه وطلَّق، فإن الطلاق يقع؛ لأنه بحق، وكل محرَّم يكون بحق فإنه يزول التحريم فيه؛ لأن الشيء لا يحرَّم إلا لأنه باطل، فإذا انقلب الشيء حقًّا صار غير محرَّم، فنقول مثلًا: إذا أُكْرِهَ عليه بحق فإنه لا يقع الطلاق.

كذلك لو أُكْرِه عليه لكونه لا يقوم بالنفقة الواجبة للزوجة، فقيل له: أنفِق، فكان يماطل ويأبى، فإننا نُكْرِهُه ونلزمه يُطَلِّق، فإن أبى في هذه الحال أن يُطلق، قال: كل شيء لو تودِّرُون اللحم ما يمكن أُطَلِّق، فإن القاضي يتولى التطليق عنه.

ومن هذا ما سبق لنا في باب الْخُلع، إذا كرهت المرأة البقاء مع الزوج، وقالت: أنا لا أعيب عليه في خُلُق ولا دين، لكن ما أقدر أبقى معه أبدًا، فقد سبق أنه يُكْرَه على الصحيح على المخالعة، بشرط أن يُرَدَّ إليه ما أنفَق على زوجته من المهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>