للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانيًا: إذا كان طالب علم يفرِّق بين دفع الإكراه وبين إرادة ما أُكْرِه عليه، فإن الإنسان بشر، ومقام المضايقات أمر لا يعلمه إلا مَن وقع فيه، والإنسان ما دام في سعة يجد نفسه مسيطرًا، أو يُحس من نفسه أنه مسيطر على كل الأمور، لكن إذا وقع في الشدة زال عنه التفكير.

ولهذا ذهب بعض أهل العلم -وقولهم أقرب إلى الصواب- إلى أنه بالإكراه يزول الحكم مطلقًا، ما لم يطمئن إلى الشيء، وهذا بعيد؛ لأن الإنسان إذا لم يقصد الشيء ما هو راح حين، ما يقصده إلا عند الإكراه، يكون يقصده من قبل.

فها هنا ثلاث حالات: ألَّا يقصده مطلقًا، وإنما قصد دفع الإكراه، أن يقصده من أجل الإكراه، أن يطمئن به فيكون فاعلًا له؛ أُكْرِهَ عليه أم لا.

ففي الأخيرة يقع الشيء ويُحْكَم له بالاختيار قولًا واحدًا، وفي الأولى لا يقع قولًا واحدًا، وفي الثالثة قولان، والراجح أنه لا يقع، والله أعلم. ( ... )

(مُخْتَلَف فيه).

الطلاق أو بالأصح النكاح ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم مُتَّفَق على صحته، وقسم مُتَّفَق على بطلانه، وقسم مُخْتَلَف فيه.

الْمُتَّفَق على صحته يقع فيه الطلاق ولا إشكال فيه وبإجماع المسلمين.

والْمُتَّفَق على بطلانه لا يقع فيه الطلاق؛ لأنه باطل، والطلاق فرع عن النكاح، فإذا بطل النكاح بطل الطلاق، مثل: لو تَزَوَّج أخته من الرضاع غير عالِم بذلك، فهذا النكاح باطل؛ لإجماع المسلمين على بطلانه، ما يقع الطلاق فيه، وكذلك لو تزوجها وهي مُعْتَدَّة -تزوج امرأة وهي مُعْتَدَّة- فإنه لا يقع الطلاق فيه؛ لأن العلماء مجمعون على أن المعتدة لا يجوز نكاحها؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥].

النكاح الْمُخْتَلَف فيه لا يخلو من حالين:

إما أن يرى المتزوِّج صحته، أو يرى بطلانه، فإن رأى صحته فإن الطلاق يقع ولا إشكال في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>