للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد تسامح المسلمون في هذه القراءات، واعترفوا بها جميعا على قدم المساواة، بالرغم مما قد يُفْرَضُ، من أن الله قد أوحى بكلامة كلمة كلمة، وحرفا حرفا، وأن مثلَه من الكلام المفوظ في اللوح، والذى ينزلُ به الملَكُ على الرسول المختار، يجب أن بكونَ على شكل واحدٍ وبلفظٍ واحد. وقد عالج هذا الموضوعَ بتوسعِ نولدكةُ في كتابه (تاربخ القرآن). والقسمُ الأكبر من هذه القراءات يرجع السبب فى ظهوره إلى خاصية الخط العربي، فإن مِن خصائصه أن الرسمَ الواحدَ للكلمة الواحدة قد يقرأ بأشكال مختلفةِ. تبعا للنقط قوق الحروف أو تحتها، كما أن عدم وجود الحركات النحوية وفقدانَ الشكل في الخط العربي يمكن أن يَجعل للكلمةِ حالاتٍ مختلفة من ناحية موقعها من الأعراب فهذه التكميلاتُ للرسم الكتابي، ثم هذه الاختلاقاتُ في الحركات والشكل، كل ذلك كان السبب الأوَلَ لظهور حركة القراءات فيما أهمل نقطُه أو شكلُه من القرآن".

ألا ترون- أيها الناس- في هذا الكلام الروحَ الذي أوحى بالطعن في الرسم العربي، وأوحى باقتراح تيسيره أو تغييره، وأوحى بالتخيُّر في القراءات بالهوى والرغبة؟.

لست أزعم أنَّ هؤلاء التابعين المقلدين أخذوا من جولدزيهر في هذا الكتاب أو أخذوا من نولدكة في ذاك الكتاب، فلعلهم لم يقرؤوا الكتابين

<<  <   >  >>