للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نُقل إلينا ذلك سماعا ومشافهة، مُبَيَّنا فيه النطقُ وطرق الأداء (١).

فكنا وكان الناس في هذا بينَ أمرين لا ثالثَ لهما: إما أَن يكونَ الرسمُ هو الذي ثبتَ أَولا ثم جاءت هذه القراءات احتمالات فيه, يُمَثِّلُها كل قارئ بما يَرَى أو بما يستطيع. وإما أن تكونَ القراءاتُ هي الأصلَ، ثم رُسِم الكتابُ على الوجه الذى يُمَثِلُها كلها ويحتملُها، حتى لا يخرجَ عنه شئ منها.

أما المستشرقون ومَنْ قلدهم من الجهلة الأغرار، ممن ينتسب إلى المسلمين، فذهبوا إلى الوجه الأول، واختاروه ونصروه.

أعني أنهم فهموا أن القرآن "يجب أن يكون على شكل واحد وبلفظ واحد" وأن هذا الشكل الواحد واللفظ الواحد رُسِمَ بهذا الرسم الذي من خصائصه أن الكلمة الواحدة "قد تُقْرَأ بأشكال مختلفة تبعا للنقط قوق الحروف أو تحتها، كما أن عدم وجود الحركات النحوية وفقدانَ الشكل في الخط العربي يمكن أن يجعل للكلمة حالات مختلفة من ناحية موقعها من الإعراب" وَبَنوْا على ذلك أن هذا الرسمَ بما يحتمل في النقط والحركات "كان السبب الأوَّلَ لظهور حركة القراءات فيما أهمل نقطُه أو شكلُه من القرآن" كما قال جولدزيهر في كتابه.


(١) وأما ما يروى فى بعض كتب التفسير والحديث، عن بعض الصحابة وغيرهم من القراءات التى تخالف رسم المصحف فإن ما صحت روايته منها إنما هو على سبيل التفسير للآية، لم يثبت على سبيل التلاوة،، لأن أول شروط إثباتها أن توافق رسم المصحف
وهذا بديهى من بديهيات الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة.

<<  <   >  >>