منطق العقول غيرُها: أن القرآن بالوجه الذى أنزل على رسول الله خرَجَ من أيدى المسلمين فيما قُرىء بأوجه متعددة، لأنه "يجب أَن يكون على شكل واحد وبلفظ واحد" كما قال جولدزيهر، وقد دخل هذا الوجهُ الواحدُ في أَوجه متعددةٍ غيرَ معين أو غير معروف، أو لعله لم يكن في هذه الأوجه. لأن المسلمين - في رأيهم - إنما قرؤوا على أوجه يحتملها الرسمُ المكتوبُ، لا على أوجه أنزل بها من عند الله, وثبتت صحتُها وقراءتُها عن الرسول الذى أمر بقراءته وإبلاغه للناس.
فهذه القراءاتُ لى رأى المستشرقين ومن تابعهم، ليست كلها أنزل بها القرآن، وإنما أنزل بواحدة منها غيرٍ معينة، لا يعرفها المسلمون ولا يعرفها المستشرقون. وحاشَ لله أن يكون شئ من هذا، و {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}. [النور: ١٦]
* * *
هذه حقائقُ لا يشك فيها مسلم وما ينبغي له. فوازِنْ - أيها القارئ الكريم - بينها وبين قول الباشا في كتابه (ص ٨٤ - ٨٥) في شأن رسم المصحف والقراءة:
"لقد كان القراءُ قليلين والكتابُ أقلَّ من القليل، والرقاع أنذرَ من الندوة، فأيما قبيلةٍ ظفرت بصحيفة مكتوبٍ فيها سورة أو بضع