جهلاً عجيباً. وأخطؤوا عامدين أن يخالفوا ما أمرهم به ربهم، ساخطين إذا ما دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم. والحجة عليهم قول كبيرهم:"إن جهات التشريع عندنا تشتغل في دائرة غير دائرة الدين"!! وإصراره على أنه لو كان قوياً في صحته فلن يجيب إلى "الرجوع لسلفنا الصالح في أمر القوانين".
١١ - والفرية الكبرى أن يرمي معالي الباشا فقهاءنا وأئمتنا السابقين، بما يخرجهم من الدين! فإنه سأل محب الدين:
"هل يحسب أن فقهاءنا الأكرمين، لو كان الله مد في أجلهم إلى اليوم، كانوا يأخذون في سياستنا بغير الموجود الآن من القوانين"؟ ثم لم يتريث حتى يجيبه محب الدين أو غيره، فبادر بالجواب، مثبتاً عليهم هذا الذي زعم، غير عابئ أن يخاصموه جميعاً فيَخْصِموه، بين يدي الله يوم القيامة، بأنه وصمهم بما لم يخطر ببال أحد غيره، وحسابه على الله.
ونحن نجيبه الجواب الحاسم الصحيح: أن سلفنا الصالح لو مد الله في أجلهم إلى اليوم، ما رضوا عن هذه القوانين، وما خنعوا لها وما استكانوا، بل ما جرؤ أحد أن يفكر في وضعها لبلاد المسلمين. وليس الذي ينفي عنهم عار هذه السُّبَّة هو الذي يكذب عليهم علناً، وهم أجلّ في أنفسهم وفي نفوس المسلمين، من أن يصدق عليهم ما رماهم به معاليه. ومن ظن بهم غير ذلك، فقد جهل العلم والدين، وأنكر التاريخ،