للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فمن عاد منكم اليوم مريضاً"؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة" (١).

[المطلب الثالث: تحديد الإطار الزمني المطلوب لإنجاز العمل.]

من البدهي أنّ لكل هدف يراد له النجاح زمناً ثابتاً واضحاً، حتى لا تمر الأيام وربما السنون فيتآكل الهدف ويصبح سراباً.

لذا فالمؤسسات الناجحة تحترم الزمن لأنه ذو قيمة معتبرة، أما المؤسسات الفاشلة فهي لا تحترم الوقت ولا تحسب حسابه، ومع شديد الأسى هذا حال كثير من مؤسساتنا في البلاد العربية!

ولهذا تجد كثيراً من البلاد التي تحترم الزمن تنهض في سنوات قليلة وتحتل مراكز متقدمة في الأحصائيات العالمية، كما حدث لماليزيا التي كانت قبل عقدين أو أكثر بقليل من الدول النامية، وها هي اليوم تبلغ مراتب متقدمة، وكذا تركيا التي كان يغشاها الفساد الإداري والمادي والأخلاقي قبل عقد واحد تقريباً، وهي اليوم تسير بخطى ممتازة نحو النجاح، وكذا دولة الإمارات العربية المتحدة التي سجلت قصب السبق بين الدول العربية، واحتلت مراكز متقدمة، ولكن غالب الدول العربية اليوم هي في ذنب القافلة، (لا يكادون يفقهون قولاً)، كل عناصر التقدم والنهوض بين يديها، (أموال، وماء، وأرض، وناس، وحضارة، وقيم، ....) لكنها تحتاج إلى مثل ذي القرنين، يربط كل العناصر للنهوض.

ومن أهم عناصر النهوض هو احترام الزمن، ومن يتأمل في ديننا الحنيف يجد غالب أعمال الشريعة، ترتبط بالزمن فالصلوات مرتبطة بأوقات، والصيام، والزكاة، والحج، له أوقات معتبرة، إن تهاونت أو تأخرت عن الوقت المحدد خرج وقتها وأوجب عليك القضاء، والقضاء ليس كالأداء في الإجر والحكم.

ومن تأمل قليلاً يجد عناية الشرع بالزمن عناية فائقة فهو لا يتعامل بالساعات بل بالدقائق والثواني، فمن صلّى قبل قت الصلاة بدقيقة واحدة لم تقبل منه، ومن تعمد الإفطار قبل وقته بدقيقة واحدة وجب عليه القضاء! أي نظام يريد منا ربنا جل جلاله.

ولنوضح بالامثلة من السنة النبوية: أخرج الشيخان من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لنا لما رجع من الأحزاب:" لا يصلينَّ أحد العصر إلاّ في بني قريظة ".فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف واحداً منهم" (٢).


(١) أخرجه مسلم ٤/ ١٨٥٧ (١٠٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (٩٠٤)،وومسلم ٣/ ١٣٩١ (١٧٧٠)،وغيرهما.

<<  <   >  >>