للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان المودع عنده مأذوناً له في استعماله؛ اعتبر العقد قرضاً). وهذا هو الحكم في بقية القوانين العربية ويقول الدكتور السنهوري: [وأكثر ما ترد الوديعة الناقصة على ودائع النقود في المصارف؛ حيث تنتقل ملكية النقود إلى المصرف، ويرد مثلها بعد الطلب أو بعد أجل، بل ويدفع المصرف في بعض الأحيان فائدة عنها؛ فيكون العقد في هذه الحالة قرضاً، وقد أحسن المشرع المصري في اعتبار الوديعة الناقصة قرضاً] ثم يقول: [لا محل للتمييز بين الوديعة الناقصة (وديعة النقود) والقرض؛ حيث إن المودع في الوديعة الناقصة ينقل ملكية الشيء المودع إلى المودع عنده، ويصبح هذا مديناً برد مثله] وتنص المادة ٣٠١ من القانون رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ بإصدار قانون التجارة المصري على أن (وديعة النقود عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة، والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه، مع التزام برد مثلها للمودع، طبقاً لشروط العقد). وتنص المادة ٣٠٠ من نفس القانون على أن أحكام الباب الثالث منه، الخاص بعمليات البنوك، ومنه المادة ٣٠١ (تسري على العمليات التي تعقدها البنوك مع عملائها، تجاراً كانوا أم غير تجار، وأياً كانت طبيعة هذه العمليات). فهذه النصوص القانونية تقطع بأن وديعة النقود في البنوك قرض. وقد أكد فقهاء القانون هذا بما لا يدع مجالاً للشك. وحيث إن هناك إجماعاً على أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا ... فإن ما يصرف للمودع يعد رباً وإن سُميَ ربحاً أو عائداً ... وإني لأعجب كيف غاب عن العلماء الأفاضل أعضاء المجمع هذه الحقائق مع سعة علمهم وغزارة إطلاعهم؟ غير أن عذرهم هو أنهم يجيبون على سؤال يعرض صورة محددة، هي (تلقي البنك للودائع لاستثمارها بطريق الوكالة في صيغ استثمار مشروعة)، وكان الجواب على قدر السؤال وإن بصورة افتراضية غير متحققة في الواقع. وإن كنا سنرى أن تحديد مبلغ مقدماً للمودع بصفته موكلاً لا يجوز شرعاً، ولو سمي ربحاً؛ لأنه يناقض أحكام الوكالة في الاستثمار التي أجمع عليها

<<  <   >  >>