للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولمكانة الصحابة عند السلف حرصوا على تدوين أقوالهم وآرائهم في مختلف المسائل، فقد روى صالح بن كيسان (١) قال: " اجتمعت أنا والزهري (٢)

-ونحن نطلب العلم- فقلنا: نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ثم قال الزهري: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة. قال: فقلت أنا: لا، ليس بسنة، لا نكتبه. قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت" (٣).

(خامساً) - التسليم لما جاء به الوحي، مع إعطاء العقل دوره الحقيقي، وعدم الخوض في الأمور الغيبية مما لا مجال للعقل فيه، فالسلف رحمهم الله لم يلغوا العقل كما يزعم خصومهم من أهل الكلام، أو من لا خبرة له بمذهب السلف من غيرهم، كما أنهم لم يحكموه في جميع أمورهم كما فعل أهل الضلال، وإنما وزنوا الأمر بموازين الشرع (٤).

(سادساً) - لم يكونوا يتلقون النصوص ومعهم أصول عقلية يحاكمون النصوص إليها، كما فعل المعتزلة وغيرهم الذين وضعوا أصولاً عقلية، ثم لما جاءوا إلى القرآن والسنة وما فيهما من دلالات في الاعتقاد، نظروا فما وجدوه موافقا لتلك الأصول العقلية أخذوا به، وما وجدوه مخالفا لشيء منها أولوه أو أنكروا الاحتجاج به.


(١) هو: صالح بن كيسان المدني، أبو محمد أو أبو الحارث، مؤدب أولاد عمر بن عبد العزيز، ثقة، ثبت، فقيه، مات بعد سنة: ١٤٠ هـ.
ينظر: تهذيب تاريخ دمشق (٦/ ٣٨٠)، وتذكرة الحفاظ (١/ ١٤٨)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٤٥٤)، والتقريب (١/ ٣٦٢)، وطبقات الحفاظ (ص ٦٣).
(٢) هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله، أبو بكر القرشي الزهري المدني، فقيه حافظ متقن، توفي سنة ١٢٥ هـ.

ينظر: طبقات ابن سعد الجزء المتمم (ص ١٥٧)، وفيات الأعيان (٤/ ١٧٧)، وغاية النهاية في طبقات القراء (٢/ ٢٦٢)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٣٢٦)، والوافي للصفدي (٥/ ٢٤)، وتهذيب التهذيب (٩/ ٤٤٥).
(٣) أحرجه عبد الرزاق في المصنف (١١/ ٢٥٨) ورقمه (٢٠٤٨٧)، وابن سعد في الطبقات (٢/ ٣٨٨)، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٣٦٠).
(٤) ينظر: المدرسة السلفية لمحمد بن عبد الستار نصار (ص ٤٧٨).

<<  <   >  >>