قلنا: مجرد هذا القدر لا يفيد الوجوب، إلا إذا أوجبه السيد، ولم يرخص في تركه.
ألا ترى أنه لو قال له:(الأولى أن تفعل كذا، ويجوز ألا تفعله) جاز له ألا يفعل؟ وكذلك لو علم أن غيره يقوم مقامه في دفع المضرة.
قوله:(يشترط في جواز هذا التعليل ألا يكون المأمور به معصية)
قلنا: هب أن هذا الشرط معتبر، ولكن يجب فيما وراءه إجراء اللفظ على ظاهره.
قوله:(لو كان ترك المأمور به علة للذم، لما جاز ترك المندوب)
قلنا: هذا إنما يصح، لو كان المندوب مأمورا به، وهذا أول المسألة، والله أعلم.
الدليل الثاني عشر: لفظ (افعل) دال على اقتضاء الفعل ووجوده فوجب أن يكون مانعا من نقيضه قياسا على الخبر فإنه لما دل على المعنى كان مانعا من نقيضه.
والجامع بين الصورتين أن اللفظ لما وضع لأفادة معنى فلا بد أن يكون مانعا من النقيض، تكميلا لذلك المقصود، وتقوية لحصوله.
فإن قيل: لا نزاع في أن ما دل على شيء، فإنه يمنع من نقضيه لكن لم لا يجوز أن يقال: مدلول قوله: (افعل) هو: أن الأولى إدخاله في الوجود، فلا جرم يمنع من عدم هذه الأولوية؟
والجواب: أن الفعل مشتق من المصدر، فإشعاره لا يكون إلا بالمصدر.