والمصدر في قولنا:(ضرب، يضرب، اضرب) هو: الضرب لا أولوية الضرب، فإشعار لفظ الخبر والأمر بالضرب، لا بأولوية الضرب.
وإذا كان إشعار الأمر والخبر ليس بأولوية الضرب، بل بنفس الضرب، وثبت أن المشعر بالشيء مانع من نقيضه وجب أن يكون لفظ اضرب مانعا من عدم الضرب، لا من عدم أولوية الضرب، ولأجل هذا كان الخبر مانعا من النقيض، والله أعلم.
الدليل الثالث عشر: الأمر يفيد رجحان الوجود على العدم، وإذا كان كذلك وجب أن يكون مانعا من الترك.
وإن قلنا: إنه يفيد الرجحان، لأن المأموربه إن لم تكن مصلحته راجحة، لكان إما أن يكون خاليا عن المصلحة أو تكون مصلحته مرجوحة أو تكون مساوية للمفسدة.
فإن كان خاليا عن المصلحة كان محض المفسدة. فلا يجوز ورورد الأمر به
وإن كان مصلحته مرجوحة، لذلك القدر من المصلحة يصير معارضا بمثله من المفسدة، فيبقى القدر الزائد من المفسدة خاليا عن المعارض، فيكون ورود الزمر به أمرا بالمفسدة الخالصة، فيعود إلى القسم الأول.
وإن كانت مصلحته معادلة لمفسدته، كان ذلك عبثا، وهو غير لا ئق بالحكيم.
وإذا بطلت هذه الأقسام، لم يبق إلا أن تكون مصلحة خالية من المفسدة، وإن كان فيه شيء من المفاسد، ولكن تكون مصلحته زائدة.