ومع ذلك فمن المعلوم بالضرورة أنهم كفار يقاتلون، ويقتلون ويغتمون ويؤسرون، وغير ذلك من أحكام الكفار الجارية عليهم.
ومن المعلوم أن السهولة، والتخفيف يأبي هذه الأحوال، فدل على أن أصول الديانات مختصة بأحكام دون فروعها.
وكذلك شرع الإكراه بالقتل والقتال، وأخذ الذراري، والأموال، والجلاء عن الأوطان، في تحصيل الإيمان منهم، ويعتد به منهم - في هذه الحالة - بإجراء أحكام الإسلام عليهم.
والفروع مع الإكراه لا تعتبر، ولا يجرى في أحكامها، فاختصت الأصول بالإكراه، وأن المصيب فيها واحد، وأن الظن فيها والتقليد غير معتبر، وأن العاجز غير معذور، والمخطئ آثم.
وسبب ذلك: عظم خطرها، وعلو منصبها؛ لتعلقها بجهة الحق - سبحانه وتعالى - والفروع مصالح للعباد، فخف أمرها، وكانت السهولة مختصة بها في أضداد الفروع المتقدمة.
قوله:(الصحابة - رضوان الله عليهم - ما كانوا متبحرين في دقائق الهندسة، والهيئة، والأرثماطيقي، ولا هذه الأدلة الدقيقة، ولا الجواب عن شبهات الفلاسفة):
قلنا: المعلوم لأهل الاطلاع على أحوال الصحابة خلاف ذلك من جل الصحابة رضوان الله عليهم.
فقد روي عن علي: أنه قال له ابن عباس بـ (البقيع) ليلة: حدثني - في (الحمد لله رب العالمين) - فقال له: إن الوقت لا يسع، فقال له في (بسم الله الرحمن الرحيم).