إن اعتاده وإلا زجر قولان (وجاز الشراء له) بالسلع التي لا ينهي حاضر عن بيعها وأولى بنقد منه لا بسلع نهي حاضر عن بيعها له لفسخه كما مر (وكلتلقي السلع) التي مع صاحبها قبل هبوطه البلد لخبر البخاري عن ابن عمر كنا نتلقى الركبان نشتري منهم الطعام فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والطعام خصوص فرض والنهي عام كما يدل عليه خبر مسلم لا تلقوا الجلب ونسب المصنف التلقي للسلع لا للركبان كما في الخبر الأول أو الجلب كما في الثاني لأن المقصود من تلقيهم تلقيها وأيضًا عدل عن لفظه ليبين الوجهين اللذين ذكرهما بقوله:(أو) تلقي (صاحبها) قبل هبوطه ليشتري منه ما وصل قبله أو يصل بعده (كأخذها في البلد) أي شرائها من صاحبها المقيم أو الذي قدم قبل وصول السلع له أو لسوقها إن كان لها سوق (بصفة) فيمنع ولو لقوته فإن لم يكن لها سوق جاز ولو قيل مرورها على بيته شراؤها ولو للتجارة بعد هبوطها البلد وهو من أهل البلد في جميع ذلك ولا يخرج لها في ذلك كله واختلف هل النهي عن التلقي تعبد أو معقول المعنى وعليه فهل لأن الحق لأهل البلد وهو لمالك أو للجالب وهو للشافعي أولهما وهو لابن العربي اهـ.
وانظر هذا مع ما لابن القاسم لم يختلف أهل العلم في أن النهي عن بيع الحاضر لباد إنما هو لنفع الحاضرة ولا فرق بينه وبين التلقي في المعنى قاله الشيخ سالم ويدل له ظاهر خبر دعوا الناس الخ أي فقياس ذلك هنا أن العلة كون الحق لأهل البلد كما لمالك لا لهما كما لابن العربي من أئمتنا ولعل تنظيره فيما لابن العربي لا فيما للشافعي أيضًا إذ ذاك يتوقف على معرفة علة منع بيع الحاضر للبادي عنده هذا وقد يفرق بأن ما مر لما لم يكن لسلع البادي القادم بها ثمن عندهم أطبقت كلمتهم على أن العلة نفع الحاضر وهنا القادم سلعته لها ثمن اهـ.
فتأمله وفي حد التلقي المنهي عنه الذي إذا زاد عليه في البعد لا يتناوله النهي ثلاثة أقوال ميل وفرسخان ويومان وللباجي رابع وهو منع التلقي قرب أو بعد وهذا ظاهر المصنف هذا كله فيمن منزله بالبلد (ولا يفسخ) البيع بل صحيح وحينئذ فيضمن المبيع
ــ
وإذا علمت أن المراد بالسمسار في الحديث متولي العقد كالجالس في الحوانيت انتفت المعارضة قاله طفى في أجوبته (وجاز الشراء له) قول ز بالسلع التي لا ينهي حاضر عن بيعها الخ هذا جار على تقييد قوله وكبيع حاضر الخ بالسلع التي نالوها بغير ثمن كما تقدم عن الأبي وقد تقدم ما فيه وعلى عدم اعتماده يبقى النهي في البيع على عمومه ويخص قوله وجاز الشراء له بالنقد وهذا هو الظاهر من كلام الأئمة كما مر (ولا يفسخ) قول ز وعلى ما لابن سراج ليس هذا من التلقي الخ الذي لابن سراج أنه يمنع الأخذ مطلقًا لمن منزله بالبلد وللسلعة سوق قبل هبوطها لسوقها ويجوز مطلقًا لمن منزله بالبلد ولا سوق لها إذا وصلت إلى البلد ولا يخرج لها في الحالتين ويجوز لمن منزله خارج البلد وللسلعة سوق أن يأخذ لقوته لا للتجارة وأما إن لم يكن لها سوق فيأخذ لقوته وللتجارة اهـ.