للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "لوقت العصر بالأمس" أقول: قال الخطابي (١): بعد أن ذكر أنه استدل به أبو حنيفة بأن آخر وقت الظهر وقت العصر ما لفظه. قلت: ومعنى هذا الكلام معقول إنه إنما أراد فراغه من صلاة الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي ابتدأ فيه صلاة العصر من اليوم الأول. وذلك أن هذا الحديث إنما سيق لبيان الأوقات، وتحديد أوائلها وأواخرها دون بيان عدد الركعات وصفاتها وسائر أحكامها. ألا تراه يقول في آخره: "الوقت فيما بين هذين الوقتين" انتهى.

وكأنه يريد إبطال وقت الاشتراك والأدلة قائمة عليه. إذ في حديث: "وصلى الظهر من اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر من اليوم الأول" فلو أن مصليين صلى أحدهما الظهر في ذلك الوقت، والآخر صلى العصر فيه لصحت صلاتهما؛ لأنه وقت مشترك بينهما.

وأما قول الخطابي في رد ذلك أنه لو كان الأمر كما قالوا لجاء الإشكال من أجل أن ذلك يتوقف على معرفة مقدار صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلم الوقت بها، فيزاد في الوقت بقدرها بحسب كميتها فيه، والصلاة لا تقدر بشيء معلوم لا يزيد عليه ولا ينقص منه؛ لأنه قد يطول في العادة ويقصر. وفي هذا بيان فساد ما ذهبوا إليه.

فجوابه: أنه [٤٠٥/ أ] قد قدر الصحابة صلاته - صلى الله عليه وسلم - العصر والظهر بما هو معروف في كتب الحديث، وأنه تقدر الأربع ركعات [٣٥٢ ب] بأوسط ما قدروه وحزروه، ويغتفر اليسير، ولا يهجر ظاهر الحديث المذكور.

قوله: "ثم صلى المغرب لوقته الأول". أقول: قال الخطابي (٢): أجمع العلماء على أن أول وقتها غروب الشمس.


(١) في "معالم السنن" (١/ ٢٧٥ - مع السنن).
(٢) في "معالم السنن" (١/ ٢٧٦ - مع السنن).

<<  <  ج: ص:  >  >>