للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر (١): ويتعجب من ابن العربي (٢) حيث قال: قولهم: "إن الممسوخ لا نسل له" دعوى، فإنه أمر لا يعرف بالعقل، وإنما طريقه النقل، وليس فيه أمر معول عليه، كذا قال: وكأنه لم يستحضره من "صحيح مسلم" (٣).

ثم قال ابن العربي (٤): وعلى تقدير ثبوت كون الضب ممسوخاً فذلك لا يقتضي تحريم أكله؛ لأن كونه آدمياً قد زال حكمه, ولم يبق له أثر، وإنما كره - صلى الله عليه وسلم - الأكل منه، لما وقع عليه من سخط، كما أنه كره الشراب من مياه ثمود. انتهى.

فإن قيل: قد ثبت الحديث بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يعيب طعاماً، وقد عاب الضب؟.

قلت: ما عابه، إنما أخبر أنه يعافه وليس في هذا عيب له، وقال: إنه لا يأكله لذلك، وقال: إنه يخشى أن يكون من أمة ممسوخة, وزال هذا بإعلام الله له أنه لا يجعل نسلاً لما مسخه وكل هذا ليس بعيب.

ومن أجاب (٥) بأن المراد أنه لا يعيب طعاماً، إنما هو مما صنعه الآدمي، لئلا تنكسر نفسه وينسب إلى التقصير فيه، وأما الذي خلق كذلك، فليس نفور الطبع عنه ممتنعاً.

قلت: لا يخفى أن هذا جواب غير صحيح؛ لأنه غير محل النزاع، فالجواب هو الأول، وقد أشار إليه المجيب بهذا في آخر كلامه، فقال: وفيه أن وقوع مثل ذلك ليس بعيب ممن يقع منه.

قوله: "أخرجه مسلم".


(١) في "فتح الباري" (٩/ ٦٦٦).
(٢) في "عارضة الأحوذي" (٧/ ٢٩٠).
(٣) (٣٢/ ٦٦٣) وقد تقدم نصه.
(٤) في "عارضة الأحوذي" (٧/ ٢٩٠).
(٥) انظر: "فتح الباري" (٩/ ٦٦٦ - ٦٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>