للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستوى رفيع في الكيمياء أو كيمياء، ومنذ أن قبلت نظرية كراوس التي ترى أن كتب جابر متأخرة النشأة وأصبح جابر بالتالي قريب العهد من حياة الرازي فقد ازدادت أهمية دور الرازي في تاريخ الكيمياء. ولقد كان روسكا أكثر المدافعين عن منزلة الرازي حماسا، من ذلك أنه أوضح في جملة ما أوضح: «طالما كان المرء متمسكا بأن كتب جابر الكيميائية هي من وضع القرن الثامن، كان لا بدّ من افتراض أن كيمياء الرازي التيتميّزت بالسمات البارزة وباستخدام النشادر في كل موضع والدور المهم للمواد الحيوانية أن هذه الكيمياء مشتقة عن عالم أفكار جابر، إلا أنه لما كان قد استنتج أن جملة كتب جابر بكاملها ما هي إلا ثمرة الإسماعيلية، أو قل قريبا من حياة الرازي، لذلك لم يعد حل قضية التبعية أمرا بسيطا ..... أما الفرق بين العرض المتعدد الوجوه الذي لا نهاية له في كتب جابر وبين الشكل الموضوعي الواقعي في مؤلفات الرازي، فهو فرق كبير، يصعب العثور على علاقات أخرى بينهما غير علاقة الأساس المشترك. ولكنه يبقى للرازي، على أية حال، فضل تقديم الكيمياء ولأول مرة في قالب علمي متين، فلم تكن نظريات الإسماعيلية العسيرة على بلاد الغرب والمستبعدة لأي تطور أوسع، لم تكن لتجذب كيميائييّ الغرب، وإنما الذي جذبهم هي كتب الرازي المحددة القريبة الهدف (١)».

ولا يعوّل في إيراد هذا الكلام على مدى موافقتنا لتفاصيله، بقدر ما يعوّل على إثبات الطابع الذي ساد الكيمياء العربية، ذلك الطابع الذي يتجلى فى مبدأ العمل المشترك بين النظرية والتجربة. وهكذا، وبعد أن اتضحت هذه السمة المتميزة للكيمياء العربية- استعمال المواد العضوية وغير العضوية بما فيها النشادر ذي الأصل العضوي وغير العضوي- وبعد أن عرفت أسسها الكمية، برز السؤال التالي: من أين جاءت مثل هذه الكيمياء؟ سؤال لطالما طرحه روسكا خلال دراساته وبصيغ مختلفة حتى انتهى به الرأي إلى أنه لا بد أن قد سبق مؤلفات العرب تطور ما مستقل للكيمياء في المشرق، يختلف عن تطور الكيمياء اليونانية (٢). فهو يرى أنه من غير المحتمل أن


(١)
al- razisbuchgeheimn isdergeheimnisse in: quell. u. stud. z. gesch. d. nat. wiss. u. d. med. ٦/ ١٩٣٧٨/ ١٢ - ١٣.
(٢) ruskain: archivf.gesch.d.math.١٠ /١٩٢٨ /١٣٠.