للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد كان يرى أن المعادن، تحت تأثير الكواكب، تتكون في الأرض من اتحاد الكبريت الحار واليابس مع الزئبق البارد والرطب .... ويرجع وجود المعادن بأنواع مختلفة إلى أنّ الكبريت والزئبق ليسا نقيين على الدوام، ولأنهما، فضلا عن ذلك، لا يتحدان بالنسب ذاتها. فإذا كانا نقيين تماما وحصل الاتحاد كاملا بالميزان الطبيعي، نشأ الذهب، أكمل المعادن. أما الأخلاط والنسب غير الكاملة فتؤدي إلى تكوين الفضة أو الأسرب أو القلعي أو الحديد أو النحاس. ولما كان لهذه المعادن في الأصل التركيب ذاته الذي للذهب، فيمكن تصحيح (تأثير) المصادفات في طريقة تركيبها بتدبير مناسب، وهذا التدبير يشكّل غرض الصنعة ويعول على استعمال الأكاسير (١).

وقد خصص جابر لتقطير المواد العضوية في صنعته بل في كيميائه مكانا مهمّا، لا يوجد بالمقدار نفسه في التطور السابق لهذا العلم. ومما يلفت النظر بصورة خاصة استعمال النشادر لا من المواد غير العضوية فقط، وإنما من المواد العضوية أيضا. وقد عدّ النشادر عنده مع الكبريت والزئبق والزرنيخ، عدت جميعا بسبب تطايرها، من «الأرواح» (٢).

هذا، ومما يميّز كيمياءه كذلك الوصف الواضح للتدابير وللأدوات والتقسيم المنهجي للمواد والمنزلة التي خصصت للتجربة واستخدام القياس اللازم (٣).

وقد أدى بجابر نظامه الصنعوي إلى نظام آخر، سماه «علم الخواص»، عالج فيه خواص المعادن والنبات والحيوان، اتفاقها واختلافها وأهمية خواصها في المجال العملي والطبي (٤). أما بالنسبة لما عنده من مواد هائلة فلم يرض جابر بترتيب أو بتصنيف بسيط للخواص. ومهما قدّر لهذه الخواص أن تظهر عجيبة فلا بد لها من أن تخضع


(١) هولميارد في مجلة.١٢١ - ١١٨/ ١٩٥٥ /١٤ endeavour
(٢) انظر كراوس ii ص ٤١.
(٣) المصدر السابق ص ٣٢.
(٤) المصدر السابق ص ٦١.