وقال عامة أصحابنا: بل على قول واحد. وهو ما نقله المزني.
والمذكور في القديم: الاستحباب، ويدل عليه قوله في "الأم": إن لم يسقوا عادوا للصلاة والاستسقاء، وأحبُّ أن يصوموا قبل ذلك، فإن لم يصوموا ووالوا بين الصلواتي وماً بعد يوم أجزأ.
وعن الشيخ أبي حامد أنه نزل النصين على حالين فقال: الموضع الذي قال: يصومون ثلاثاً، إذا كانت الموالاة [تقطعهم، فيصومون ثلاثاً ويخرجون في الرابع.
والموضع الذي قال: لا يصومون فيه، إذا كانت الموالاة] لا تقطعهم عن أشغالهم فيخرجون في اليوم الثاني صياماً.
واقتصر الماوردي والقاضي الحسين على إيراد الجديد.
وقال في "التتمة": أيّ الأمرين فعل جاز، وهذا يدل على استوائهما في نظره، والحكم في المرة الثالثة كالحكم في المرة [الأولى و] الثانية، والله أعلم.
قال: وإن تأهبوا للصلاة، فسقوا قبل الصلاة- صلوا؛ وشكروا لله- تعالى- وسألوه الزيادة؛ لقوله تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: ٧] وهذا ما نص عليه الشافعي في "الأم" كما حكاه المحاملي والماوردي وغيرهما، وقال: لو كان المطر وقت خروجهم صلَّوا في المسجد أو أخَّروه إلى انقطاعه.
وحكى الغزالي تبعاً لإمامه: أنهم إن سقوا قبل الاستسقاء خرجوا للشكر والموعظة، وفي أداء الصلاة للشكر وجهان:
أحدهما: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى هذه الصلاة إلّا عند الحاجة.
والثاني: نعم، كما ذكره الشيخ والأكثرون، ومنهم الشيخ أبو حامد، ووجهه، [ما] تقدم.
والوجهان- كما قال- يجريان في أدائها للاستزادة من النعمة، وعني بذلك أنها هل تفعل لأجل استزادة النعمة في حال الخصب أم لا؟ وقد صرح بهما الإمام كذلك عن رواية الصيدلاني، والذي يقتضيه قول الشيخ:"إذا أجدبت الأرض ... " إلى آخره: أنه لا يصلي ولا يستسقي لاستزادة النعمة؛ لأنه جعل