للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أغرب الغزالي فيها حيث قال- تفريعاً على ما قاله الصيدلاني-: إنه يكتفي منه بصحيحة تقرب قيمتها من ربع عشر ماله إذا كان المملوك أربعين من الغنم. وغرابة ذلك من وجهين:

أحدهما: أن قوله: تقرب قيمتها يشعر بأن الأمر في ذلك على التقريب قال الرافعي: وهذا لم أره في كلام غيره، ولا ينبغي أن يسامح بالنقصان والبخس.

قلت: مراد الغزالي- والله أعلم-: أن التفاوت في هذا يسير؛ لأن الزائد بسبب صحة واحدة من أربعين قليل ومع قلته لا يهمل بل يجب اعتباره، فهو ضد ما فهم عنه.

الثاني: جعله التفاوت منسوباً إلى ربع عشر القيمة إذا كانت غنمه أربعين، وهو الذي رواه ابن كج عن أبي إسحاق والذي قاله الجمهور في التقسيط هو الأول، قال الرافعي: وهو يتضمن النظر إلى آحاد الماشية إلا إذا استوت قيم الصحاح وقيم المراض وقد تكون مختلفة ولفظ الغزالي يغني عن النظر إلى آحاد الصور.

واعلم أن المعيب كالمريض فيما ذكرناه. نعم، لو كان كل المال معيباً، لكن البعض أردأ- فقد قال الشافعي في "المختصر": يأخذ خير المعيب. واختلف الأصحاب في ذلك:

فمنهم من أجراه على ظاهره، وأوجب خير المعيب من جميع ماله، قال الماوردي: وهو غلط؛ لأنه لا يطرد على أصل الشافعي، وهذا لم يورده الجمهور، بل أكثرهم قال: لا يختلف أصحابنا أن إبله إذا كانت [كلها] معيبة، فلا يجوز أن يأخذ خيرها في الصدقة، وممن قال ذلك، الإمام لكنه ذكر عن العراقيين بعد ذلك تردداً في صورة تقتضي المنازعة في ذلك.

ومنهم من قال: أراد بذلك أخذ خير الفرضين، وهي الحقاق وبنات اللبون، ولم يرد خير جميع المال، قال في "الحاوي": وهو الصحيح وبه قال ابن خيران، ويؤيده قوله في "الأم": يأخذ خير المعيب من السن التي وجبت عليه.

ومنهم من قال: مراده أن يكون رب المال أذن للساعي أن يأخذ من إبله ما شاء فيأخذ خيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>