للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: أراد بخير المعيب: أوساطها، كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] يعني: وسطاً، لأنه قال في آية أخرى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: ١٤٣] ثم هؤلاء اختلفوا في المراد بالوسط على وجهين حكاهما البندنيجي والماوردي:

أحدهما: أوسطها عيبا، مثال ذلك: أن يكون ببعضها عيب، وببعضها عيبان، وببعضها ثلاثة عيوب؛ فيأخذ ما به عيبان، وهذا ما أورده القاضي أبو الطيب تفريعاً على هذا.

والثاني: أوسطها في القيمة، مثال ذلك: أن تكون قيمة بعضها معيباً خمسين، وقيمة بعضها معيباً مائة، وقيمة بعضها معيباً مائة وخمسين فيأخذ ما قيمته مائة لأنه أوسطها، وهذا معنى قول الغزالي بعد حكاية النص: وقال الأصحاب: يخرج بالقسط وهو الأصح، وعليه تنطبق رواية الربيع- كما قال القاضي الحسين-: ويأخذ من خير المعيب ما تفاوت بالقيمة قدر صدقته.

والصورة التي حكى فيها الإمام التردد عن العراقيين: ما إذا ملك خمساً وعشرين معيبة فيها بنتا مخاض، إحداهما من أجود المال مع العيب والأخرى: دونها فقال: أحد الوجهين: أنه يأخذ التي هي أجود، وأصحهما: أنه يأخذ الأوسط. وذكر أن من قال بالأول شبه المسألة بالأغبط من الحقاق وبنات اللبون إذا اجتمع فرضهما في نصاب كالمائتين.

ثم العيب المؤثر فيما نحن فيه: كل ما يرد به في البيع كذا قاله علماؤنا كما قال الإمام في باب فرض الإبل السائمة، وأنهم قالوا: لا تعتبر العيوب المانعة من الإجزاء في الأضاحي، وحكى عن شيخه أن من أئمتنا من اعتبر السلامة من عيوب الأضاحي، والسلامة من العيوب التي تثبت الرد وهذا زلل غير معتد به، والوجه: القطع باعتبار عيوب الرد فحسب، والفارق بين الوجهين يقع في شيء واحد، وهو أن الشرقاء والخرقاء تجزئ على الوجه الأول، كما صرح به الإمام في باب زكاة الغنم عن الصيدلاني؛ موجهاً له بأنها ليست معيبة بعيب مؤثر في القيمة والمالية وهي المرعية في الزكاة، وإن كان استشراف المنظر حساً معتبراً في

<<  <  ج: ص:  >  >>