للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو أطلق استدعاء العتق عنه ولم يسم عوضاً ولا نفاه، فهل يحمل على الاستدعاء بعوض، أو بغير عوض؟ فيه وجهان عن رواية صاحب "التقريب" شبيهان بوجهين تقدم ذكرهما فيما إذا قال لغيره: اشتر لي [بثوبك هذا كذا] فاشتراه، وصححناه له- أن ذلك يكون هبة أو قرضاً.

ووجه جعله هبة يعضد جواب الغزالي ويمنع الاعتراض، وقد بنى بعضهم الوجهين على الخلاف فيما إذا قال لغيره: اقض ديني، ولم يشترط الرجوع، ومقتضاه أن يكون الصحيح ثبوت العوض؛ إذ الصحيح- في مسألة قضاء الدين- الرجوع، وخصص الإمام، وأبو الفرج هذا البناء بما إذا قال: أعتقه عن كفارتي؛ فإن العتق حق ثابت عليه كالدين، فأما إذا قال: أعتقه عني؛ ولا عتق عليه أو لم، يقصد وقوعه عنه- فقد أطلق أبو الفرج أنه: لا شيء عليه، ورأى الإمام تخريجه على أن الهبة هل تقتضي عوضاً أم لا؟ وعلى هذا يكون في قدر الغرم الخلاف المذكور في ثواب الهبة، كذا أشار إليه الإمام، ويظهر ألَّا يجيء قول الثواب إلى الرضا؛ لأن ثم إذا لم يرض كان للموهوب له رد الموهوب، وهنا قد تعذّر الرد بعتقه؛ فيؤدي إلى الإضرار بالمعتق.

نعم، قد يقال بجريانه، ويكون عند عدم الرضا للموهوب له فسخ الهبة، ويصير الواجب قيمة العبد؛ كما لو أعتق المشتري العبد المبيع، ثم فسخ العقد بسبب في الثمن، وحينئذ لا يكون أيضاً في المسألة إلَّا قولان.

وعلى كل حال، فقد اختلف الأصحاب في وقت نقل الملك للمستدعى على أربعة أوجه، ذكرها ابن الصباغ وغيره في كتاب الظهار:

أحدها: أنه يدخل في ملكه بالاستدعاء، ويعتق بالإعتاق، وليس بصحيح؛ لأن الإيجاب شرط فلا يتقدم الملك على شرطه.

والثاني: أنه إذا حصل الاستدعاء والإيجاب دخل في ملكه بشروعه في الإيجاب، وعتق بتمامه، وهذا يلزم عليه ما لزم على الأول.

والثالث: أن الملك والعتق يقعان في حالة واحدة عقيب الإيجاب، وهذا قول أبي إسحاق المروزي، وهو نظير قوله في كيفية نقل الملك عند سريان العتق

<<  <  ج: ص:  >  >>