الثاني: إذا قال: إن رأيت زيداً، فأنت طالق، فرأته ملفوفاً، لم تطلق على الأصح من المذهب؛ [كما] حكاه القاضي، وغيره جزم به.
وإن رأته أو بعضه غير ملفوف؛ طلقت.
وفيه وجه: أن المعتبر رؤية الوجه.
وقال القاضي الحسين: إن رأت وجهه، طلقت على ظاهر المذهب، وفي "التتمة" أنها إذا رأت رجله أو يده، وقد أخرجها من كوة، لا يقع الطلاق؛ لأن الاسم [لا يطلق عليه]، وإن كان قد حكي أنها إذا رأت بعضه طلقت، ولو رأته في ماءٍ صافٍ، أو من وراء زجاج؛ طلقت على الأصح.
و [لا فرق فيما ذكرناه بين أن تراه حيّاً أو ميتاً، أو مجنوناً، أو عاقلاً، وكذا لو رأته، وهي مجنونة طلقت].
ولو كانت عمياء، فقالا: إن رأيت زيداً فأنت طالق، ففي النهاية: أن الطلاق معلق بمستحيل- على المذهب- فلا يقع.
وفيه وجه أنه يحمل على حضوره عندها، واجتماعهما في مجلس واحد؛ لأن الأعمى يقول: رأيت فلاناً [الآن، أو] اليوم، ويريد الحضور عنده.
قال: وإن كتب الطلاق، ونوى، وكتب: إذا جاءك كتابي، فأنت طالق، فجاءها وقد انمحى موضع الطلاق- أي: بحيث لا يمكن قراءته- وبقى غيره مما يعتذر به عن الطلاق، ومما يوبخها عليه من الأفعال الملجئة إلى الطلاق- لم يقع الطلاق؛ وهذا ما حكاه الشيخ [أبو علي]، وعلله بأن ذلك مقصود الكتاب، فإذا ذهب، لم ينطلق الاسم على الباقي.
وعلله غيره بأن الكتاب عبارة عن جميع الأجزاء، ولم يصل جميعه.