للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا الحكم- كما قال القاضي أبو الطيب وغيره- في الشهادة على ما دون النفس إذا قال: أشهد أنه ضربه بالسيف على رأسه عمدًا، واتضح أو فاتضح، أو قال: وجدناه متضحًا- لم تسمع، لأنه يجوز أن يكون ضربه ووجده متضحًا من شيء آخر، بل إنما تسمع إذا قال ضربه بالسيف فأوضحه، أو فاتضح من ضربه، أو وجدناه متضحًا من ضربه، وحينئذٍ يقال للشاهد: عين الموضع المتضح، وبين الطول والعرض، فإن بين ذلك مع آخر، ثبت القصاص، أو الدية عند تعذر القصاص.

وإن لم يعيناها، نظر:

فإن لم يكن على رأسه غير موضحة واحدة، فالحكم كما لو عينا، قاله الماوردي.

وفي ((الرافعي)): أنه لا يثبت القصاص في هذه الحالة، لاحتمال أنه كانت على رأسه موضحة صغيرة، ووسعها، وإنما يجب القصاص إذا قالوا: أوضح هذه الموضحة.

وحكى في إيجاب الأرش وجهين.

وإن كان في رأسه موضحة أخرى فأكثر، حكم للمجني عليه بالدية دون القصاص، أي: إذا عجز الشاهدان عن تعيينها، قاله الماوردي، وهو الذي أورده القاضي أبو الطيب وغيره، واختار الشيخ أبو محمد، وصححه الرافعي، وحكى وجهًا آخر: أنه لا يجب، وهو ما أورده الفوراني وحكاه الإمام عن اختيار القاضي الحسين، لأن هذه الجراحة لو ثبتت صفتها لوجب القصاص، وقد تعذر إثبات القصاص، فلا تثبت الجناية أصلًا، كما لو شهد رجل وامرأتان على موضحة لا يثبت الأرش كما لا يثبت القصاص.

والقائلون بالأول فرقوا بأن القصاص إنما لم يثبت، لتعذر رعاية المماثلة- فإن المحل مقصود فيها- لا لنقص في البينة، فإن الشاهد بها رجال، بخلاف صورة الاستشهاد.

وقد أيد بنص الشافعي في ((الأم)) على أنه لو شهد شاهدان أن فلانًا قطع يد فلان، ولم يعينا، والمشهود له مقطوع اليدين- لا يجب القصاص، وتجب الدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>