للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: ولو كان مقطوع يد واحدة- والصورة هذه- فهل تنزل شهادتهم على ما تشاهد مقطوعة، أو يشترط تنصيصهم؟ يجوز أن يقدر فيه خلاف، والذي حكاه الماوردي الأول.

وقد اعتبر القاضي الحسين، وتبعه الإمام والغزالي في شهادة بالموضحة التعرض لوضوح العظم، [من حيث إن لفظ ((الموضحة)) مأخوذ من ((الإيضاح))، وليس فيها تعرض لإيضاح العظم]، والمطلوب إثبات العظم، وتنزيل لفظ الشاهد على الألقاب التي اصطلح عليها الفقهاء لا وجه له.

نعم، قد يخطر للفطن في هذا المقام: أن الشاهد لو كان فقيهًا وقد علم القاضي منه ذلك، وتبين له أنه لا يطلق الموضحة إلا على ما يوضح العظم فهذا موضع التردد، فيجوز أن يكتفي به، لفهم المقصود، ويجوز أن يقال: لابد من كشف الأمر لفظًا، فإن للشرع تعبدات في ألفاظ الشهادات وإن كان العلم قد يحصل بغيرها.

قال: وإن شهد بالزنى- ذكر الزاني- أي: من رجل وامرأة- لاحتمال أن يكون قد جهل إباحة أحدهما للآخر، لزوجية، أو ملك، فأقدم على الشهادة بذلك، أو رآه يطأ جارية ابنه، أو جارية مشتركة بينه وبين غيره، فظن أن ذلك مما يوجب الحد عليهما.

قال: وكيف زنى بها، لأنه ربما رآه قد وطئ فيما دون الفرج، أو عانق، أو قبل، أو لمس باليد، أو نظر بالعين، فاعتقد ذلك زنى يوجب الحد، لأنه روى أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: ((العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والفرج يصدق ذلك ويكذبه))، وقد شهد لاعتبار ذكر كيفية الزنى قصة المغيرة، فيحتاج الشاهد به أن يقول: أدخل ذكره، أو غيب حشفته في فرجها، فإن قال مع ذلك: مثل المردود في المكحلة، والخاتم في الإصبع أو الفم، أو الرشاء في البئر- كان آكد، كذا قاله القاضي أبو الطيب.

وقال القاضي الحسين في باب حد الزنى: وقد قيل: إن [ذكر] التشبيه بما ذكرناه واجب، لأنه لما غلظ بالعدد غلظ بالتشبيه، ليكون أبلغ، فلو ترك ذلك لم يجب الحد، وهذا ظاهر نصه في ((المختصر) فإنه قال: ولا يجوز على الزنى

<<  <  ج: ص:  >  >>