للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهد به هذا الشاهد، لم تصح شهادته، قاله الماوردي في أوائل باب ما على القاضي في الخصوم. ووجهه بأنه موضع أداء، وليس موضع حكاية، وبهذا يظهر لك أنه لا فرق عنده بين أن يقول: (([أشهد] بمثل ذلك)[أو] ((أشهد بذلك))، وإن كان العمل في وقتنا على الثاني.

الفائدة الخامسة: يستحب للشاهد استئذان الحاكم قبل الأداء، ليصغى إليه، فإن الشهادة عنده وهو غافل لا أثر لها، وقد اعتبر أبو عاصم العبادي الاستئذان فقال: لو شهد قبل [الاستئذان لا يعتد بشهادته قال القاضي أبو سعد: ولا وجه له، نعم لو أقام الشاهد الشهادة] قبل الإذن من القاضي، وذكر أنه لم يسمع الشهادة، بل كان ذاهل العقل عنها، فتلك الشهادة باطلة.

قال: وتجوز الشهادة [على الشهادة] في حقوق الآدميين، أي: التي لا تثبت إلا بشاهدين، أو بشاهد وامرأتين، أو بأربع نسوة، لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:٢]، وقوله تعالى: {وَلَا يَابَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ...} [البقرة:٢٨٢]، ولم يفرق بين أن تكون الشهادة أو غيرها من الحقوق، فهو على عمومة.

ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك، فإن شهود الواقعة قد يغيبون، أو يموتون.

ولأن الشهادة من حقوق الآدميين اللازمة للأداء، وحقوق الآدميين تثبت تارة بالإقرار، وتارة بالشهادة، والشهادة على الإقرار مقبولة، فكذلك على الشهادة.

قال: وفي حدود الله تعالى قولان:

أصحهما: أنه يجوز، لأنها من الحقوق التي تثبت بالشهادة، ويجب استيفاؤها إذ ذاك، فجاز أن تثبت بالشهادة على الشهادة كغيرها من الحقوق، وهذا ما [قال] البندنيجي والإمام: إنه أقيس.

ومقابله: [أنه] لا يجوز، لأمرين:

أحدهما: أنها تدرأ بالشبهات.

<<  <  ج: ص:  >  >>