مذ يوم واحد، ولكن "من" دخلت على أمس، كما تدخل في قولك: هو أعلم من زيد؛ لأن أول بمنزلة أفعل التي تضاف بمن في/ كل شيء كقولك: هو أكبر من هذا، فأفعل ههنا أبدا مضاف إلى ما بعده، ولكنه قد فتح "أول" والأجود فيه الرفع، وإنمايختار الجر بعد "منذ" والرفع بعد "مذ" كما تقول: ما رأيته مذ يومان، ومنذ يومين، وفتحه في موضع الجر لأنه لا ينصرف وهو عنده مجرور بمنذ. وكذلك قوله: مذ أول من أول من أمس، يجب أن يكون أول بعد مذ مرفوعا، والذي بعد "من" مفتوحا في موضع جر بمن لأنه لا ينصرف. ولا يجوز أن ينصب "أول" بعد "مذ" على الظرف؛ لأنه لا يقع بعد "مذ أو منذ" شيء ينتصب على الظرف، وإنما يكون ما بعدهما مرفوعا على الابتداء أو مجرورا بمنذ ومذ؛ لأنهما حرفا جر في الزمان بمزلة "من" في كل شيء، والجر في منذ هو الوجه الجيد، والرفع في "مذ" هو الوجه، وإن كانا قد يشتركان في الرفع والجر.
وأما قوله: ولا تجاوز ذلك؛ فإنه يعني أنك لا تقول هذا إذا كان قبل أمس ثلاثة أيام، مثل قولك: ما رأيته مذ أول من أول من أمس؛ لأن العرب لا تتكلم به في أكثر من يومين، لطوب الكلام وقبحه وثقله وإشكاله.
وأما قوله: والظل للشجرة وغيرها بالغداة، والفيء بالعشي، كما قال الشاعر:
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق
وقال أبو عبيدة: قال رؤبة: كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه، فهو: فيء وظل؛ فإن الأصل في هذا أن الظل مأخوذ من قولهم: ظل يفعل كذا وكذا، إذا ثبت