للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقام يومه أو ساعته، فهو يظل ظلولا، أي ثبت ثبوتا. والعرب تقول: ظللنا يومنا في سرور، وبتنا ليلتنا في هموم، أي مكثنا ولبثنا، فقولهم: ظل للنهار كقولهم: بات لليل، قال الشاعر:

/ ظللنا نخبط الظلماء ظهرا هنالك والمطي له أوام

وقال الله عز ذكره: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) أي مكثتم. وقال [تعالى]: (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) أي مكثوا؛ ولذلك قال رؤبة: ما لم تكن عليه الشمس فهو ظل؛ لأن المكان الذي لا تقع عليه الشمس فهو فيء وظل؛ لنه إذا عدم الشمس صار ظلا ثابتا ماكثا أيضا. فأما الفيء فلا يكون إلا من الشمس؛ وذلك أنه يفيء ويرجع بعدما ذهبت به الشمس، والفيء: الرجوع من كل شيء. وقد كنا شرحنا ذلك والأصل في الفيء للظل الذي يفيء من الشمس، أي يرجع عند زوالها، فيسمى لذلك فيئا وهو ظل، وقال امرؤ القيس:

تيممت العين التي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طامي

ولذلك قيل: إن الظل ما نسخته الشمس، أي جاء بعدها. وقال الشاعر:

سبوب تتبع أفياء الظلال عشية على طرق كأنهن سبائب

وإنما قيل: ظل الشجرة، ولم يقل: فيء الشجرة؛ لأن كن الشجرة ثابت دائم من أجل أغصانها وورقها، التي تمنع الشمس من الانبساط تحتها. وأما ما خص "ثعلب" به الغداة من الظل والعشي من الفيء، فإنما أخذه من قول الشاعر الذي أنشده، ولم يرد الشاعر

<<  <   >  >>