كتابه، ولم يدفعه إلى. قال: لم؟ قال: يقول: إني لا أدفع هذا السماع إليه حتى يحمل إلى خمسة دنانير، وكان أبو عبد الله الصفَّار قد تراجع أمره ونقصت تجارته، فبلغني أنه باع شيئًا من منزله فدفع إلى أبي العباس -أي المصري- خمسة دنانير، فأخذها وحمل الكتاب إليه، ثم أنهما جميعًا دعيا على أبي العباس -أي المصري-، فاستجيبت دعوتهما فيه، ثم بعد ذلك كان أبو عبد الله الصفار يجُامل أبا العباس، ويجهد في استرجاع كتبه منه، فلم يقدر عليه، وكاد أبو العباس يفوتنا حديث أبي عبد الله الصفار، فذهبت أنا إلى أبي محمَّد عبد الله بن حامد الفقيه، فقلت له: إن هذا الرجل قد فوتنا هذا الشيخ، وهو يجامله بسبب كتبه عنده، ونحن نعلم أنه لا يفرج قط عن جزء من أصوله، وإن قُتل، فإن الشيخ أبا بكر بن إسحاق حبَسَه ولم يقدر على استرجاع الكتب، فلو نصبت أبا بكر السَّاوي الوراق مكانه؛ ليسمع الناس ما بقي عنده من الكتب، وكان أبو عبد الله الصفار يحمل أبا محمَّد بن حامد محمل الولد، وكان أبو محمَّد يخاطبه بالعم، فقصده ونصحه فقبل نصيحته، ونصبت أبا بكر الساوي مكانه، وعقد أبو بكر في الأسبوع بضعة عشر مجلسًا بالغدوات وبعد الظهر والعشاء، وانتفع الناس بما بقي عند أبي عبد الله، وكان لا يقعد ولا يقوم إلا ويبكي ويدعو على أبي العباس، فإن عيون كتبه كانت عنده، ولم يقرأ قط حديثًا واحدًا من كتب الناس.
قال الحاكم: وإنما قصصت هذه القصة ليعتبر المستفيد به، ولا يتهاون بالشيوخ، فإن محل أبي العباس المصري من هذه الصنعة كان أجل محل، وذهب علمه، وساءت عاقبته، بدعاء ذلك الشيخ الصالح