للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقله عن مالك، ورويت من طريق أخرى ذكرها ابن عبد البر، وفي إسنادها من لا نعرفه" (١).

سادسا: أن الحجة والعبرة بالدليل، قال ابن القيم : " فصل: وها هنا قاعدة يجب التنبيه عليها، وهي أنه إذا ثبت عن مالك وأحمد وغيرهما تأويل شيء في موارد النزاع لم يكن فيه أكثر من أنه وقع بينهم نزاع في معنى الآية أو الحديث، وهو نظير اختلافهم في تفسير آيات أو أحاديث؛ مثل تنازع ابن عباس وعائشة في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)[النجم: ١٣]؛ فقال ابن عباس: رأى ربه، وقالت عائشة: بل رأى جبرائيل. وكتنازع ابن مسعود وابن عباس في قوله تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)[الدخان: ١٠]؛ فقال ابن مسعود: هو ما أصاب قريشاً من الجوع، حتى كان أحدهم يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان. وقال ابن عباس: هو دخان يجيء قبل يوم القيامة. وهذا هو الصحيح … ونظائر ذلك؛ فالحجة هي التي تفصل بين الناس" (٢).

وعلى ذلك دل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ فمن جاء بالحجة؛ قبل قوله، ومن لم يأت بها؛ رد قوله، وإن كان عالماً جليلاً؛ فالحجة في كلام الله وكلام رسوله وقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ١٥٩]، والرد إلى الله الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول الرد إلى سنته والتحاكم إليها.

سابعا: تناقض أهل البدع في الأخذ عن الأئمة، فالعجيب أن هؤلاء المعطلة يعظم عندهم مثل هذين النقلين- مع ما فيهما من كلام - وأما النصوص المتواترة المشتهرة عن الإمام أحمد وعن الإمام مالك في إثبات الصفات، والرد على الجهمية وأتباعهم، والتحذير من الخوض في علم الكلام وتأويل الصفات؛ فهذه لا حجة فيها عندهم على مذهب هذا الإمام الموافق لمذهب السلف (٣).


(١) مجموع الفتاوى: ٥/ ٤٠١.
(٢) مختصر الصواعق المرسلة: ٣٩١.
(٣) انظر: موقف ابن تيمية من الأشاعرة: ٣/ ١١٦٣ - ١١٦٤.

<<  <   >  >>