للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد من أهل العلم أنه يعلم جميع أحاديث النبي ، وهل نسب لأحد من أهل العلم أنه يعلم جميع الأحاديث، وعلى فرض وجود ذلك، فهل قال أحد من أهل العلم أنه معصوم؟ أو ادعى أنه معصوم؟!

قال الإمام الشافعي في بيان أنه لا يحيط بعلم السنة أحد: " لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيءٌ. فإذا جُمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فُرّق علم كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم ما كان ذهب عليه منها موجوداً عند غيره.

وهم في العلم طبقات منهم الجامع لأكثره، وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم الجامع لأقلَّ مما جمع غيره.

وليس قليلُ ما ذهب من السنن على من جمع أكثرَها: دليلاً على أن يُطلب علمه عند غير طبقته من أهل العلم، بل يُطلب عن نظرائه ما ذهب عليه حتى يؤتى على جميع سنن رسول الله - بأبي هو وأمي - فيتفرَّد جملة العلماء بجمعها، وهم درجات فيما وَعَوا منها" (١).

ولذا؛ فقد ألف أهل العلم كتباً في بيان رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وذكروا من الأعذار: الخطأ، وعدم الإحاطة بجميع الأدلة .. إلى غير ذلك (٢).

عاشرا: أن العبرة في الأحكام بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة، وكل يؤخذ من قوله ويرد، وقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه إذا صح الحديث فهو مذهبهم، وبهذا قال الإمام محمد ابن عبد الوهاب : " بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه أني إن أتاني منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله فإنه لا يقول إلا الحق" (٣).


(١) الرسالة: ٤٢ - ٤٣.
(٢) انظر: رفع الملام عن الأئمة الأعلام، لابن تيمية، واختلاف العلماء، للمروزي، وأسباب اختلاف الفقهاء، للتركي، والإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أدت للاختلاف، للبطليوسي، والإنصاف في بيان أسباب الاختلاف، لولي الله الدهلوي .. وغيرها.
(٣) المرجع السابق: ١/ ٣٧ - ٣٨.

<<  <   >  >>