مع ذلك: فالناس جعلوا المئذنة غاية وليست وسيلة؛ لأنهم خرجوا عن كونها وسيلة، الوسيلة أنك تصعد إلى الأعلى وتُبَلِّغ الناس، لكن عادوا يبالغوا في رفع بنيانها وتشييدها ويبالغوا في نحت حجارتها، وو .. إلى آخره.
حتى في زمن وجود مكبرات الصوت، نحن نرى مثلاً مسجد صلاح الدين الأيوبي، نرى طبقة وطبقة ثانية وطبقة ثالثة، لماذا كل هذا الكلفة، لأجل ماذا إضاعة هذا المال؟ ولا أحد يصعد إلى الأعلى الآن إطلاقاً؛ لأنه يُؤَذّن وهو في المسجد.
إذًا: صار بناء المآذن في المساجد ليس له معنى، لا معقول ولا منقول.
هذا مما حذر عنه الرسول عليه السلام بقوله:«لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد».
فالشاطر هو الذي يبني مسجد لا مثيل له، يبني منارة لا مثيل لها، إلى آخره.
هذا من علامات قيام الساعة بنص حديث الرسول عليه السلام.
أما زخرفة المسجد ما ذكرناها نحن آنفاً، فينبغي أن يكون المسجد ساذجاً ليس فيه زخارف؛ ولذلك عمر الخطاب رضي الله عنه لما اضطر إلى توسيع المسجد النبوي في زمانه، قال للبَنَّاء، المهندس الذي يسمونه اليوم، قال: أَكِن الناس من الحر والقر، ولا تُحَمِّر ولا تُصَفِّر.
يعني: ما هي الغاية من المسجد، أنه يُكِن الناس، يؤويهم من الحر والقر، لا تُحَمّر ولا تُصَفّر.
مداخلة: في زيادة: فتفتن الناس.
الشيخ: ما أذكر هذا.
ولا تحمر ولا تصفر؛ لأن هذا من الزخارف، وبيوت الله يجب أن تكون مُنَزَّهة عن أمور الدنيا، هذا بيت الله.