للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=واجترفت الناس ولا يُدرى، أو ركب سفينة ولا يدرى أين ذهب، أو سافر سفراً طال زمانه فيه وانقطعت فيه أخباره ولا يدرى أحي هو أم ميت فماذا نصنع في ميراثه؟ .

نقول أولاً الفقد إما أن يكون غالبه السلامة، كمن سافر لتجارة أو طلب علم، أو سياحة ولم يعلم خبره، ففيه روايتان في المذهب:

الأولى: لا يقسم ماله، ولا تتزوج امرأَته، حتى يتيقن موته، أَو يمضي عليه مدَّة لا يعيش لمثلها، وذلك مرجعه اجتهاد الحاكم، لأَنَّ الأصل حياته، والتقدير لا يصار إِليه إِلا بتوقيف، ولا توقيف هنا، فوجب التوقف عنه.

الروايةُ الثانية: أَنَّه ينتظر به تتمَّة تسعين سنةً منذ ولد، لأَنَّ الغالب أَنَّه لا يعيش أَكثر من هذا.

ثانياً: من كان الغالب من حاله الهلاك، كمن يكون في سفينة وغرقت بهم أو من يفقد في مهلكة كالذي يفقد بين الصفين، أَو في مفازة يهلك فيها النَّاس، أَو يفقد من بين أَهله ولا يُرى له أثر، أَو لحاجة قريبة فلا يرجع، ولا يُعلم خبره، فهذا ينتظر به أَربع سنين.

قلت: والأظهر عندي ما ذهب إليه الشيخان رحمهما الله أن المرجع في الحكم بموته إلى اجتهاد الحاكم؛ لأن الأصل حياة المفقود فلا يخرج عنه إلا بيقين أو ما في حكمه كما لو فقد وهو ابن تسعين فإن المرجع في تعيين وقت موته إلى اجتهاد الحاكم على القولين جميعا، وهذا القول أظهر دليلا من قول من حدد المدة بتسعين سنة، لأن التحديد بزمن معين يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل هنا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>