للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكذلِكَ فِيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَعَرِهِ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ فِيْ جَانِبِهِ (١)،

ــ

=ومعنى «أُوعِبَ جَدْعُهُ» أي: قطع جميعه، ولأن إتلاف الذي لم يخلق الله منه في الإنسان إلا شيئاً واحداً ذهابُ منفعة الجنس، وإذهابها كالنفس.

(١) قوله «وَكذلِكَ فِيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَعَرِهِ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ فِيْ جَانِبِهِ»: هذه أيضاً بعض أنواع الجنايات التي تجب فيها الدية، فمن ذلك قوله: «والصَّعَرِ» بفتح الصاد المهملة والعين المهملة، من صَعِرَ يَصْعَرُ صَعَراً، وقد عرفه المؤلف بقوله «أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ فِيْ جَانِبِهِ»، كأن يضربه فيصير الوجه في جانب.

وأصل الصعر: داء يأخذ البعير فيلتوي منه عنقه، قال الله تعالى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} (١)، أي لا تعرض عنهم بوجهك تكبراً كإمالة وجه البعير الذي به الصعر، فمن جنى على إنسان جناية فعوج عنقه حتى صار وجهه في جانب فعليه دية كاملة، دليل ذلك أن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: «وَفِي الصَّعَر الدِّيَةُ» (٢)، ولم يعرف له مخالف من الصحابة، فكان إجماعاً، ولأنه أذهب الجمال والمنفعة، فإنه لا يقدر على النظر أمامه واتقاء ما يحذره إذا مشى، وقال الشافعي (٣): فيه حكومة، لأنه إذهاب جمال من غير منفعة.

قلت: والأول أظهر.


(١) سورة لقمان: الآية ١٨.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٩/ ٣٥٩)، ابن أبي شيبة (٩/ ١٧١)، وإسناده ضعيف، لحال حجاج، ومكحول لم يسمع من زيد -رضي الله عنه-.
(٣) المغني (١٢/ ١٥٣ - ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>